تعاون حيوي.. وضروري للمنطقة

TT

يمكن لزيارة رئيس الوزراء السوري مصطفى ميرو إلى تركيا أن تكون زيارة لها ما بعدها، خصوصاً ان بين الطرفين قضايا كثيرة تهمهما وتقلقهما، ويستطيعان معاً أن يشكلا القوة الدافعة للتعامل مع تلك القضايا بنهج جديد.

وتشكل المخططات الأميركية إزاء إعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط مدخلاً أساسياً للبحث والحوار، وهنا يكون موضوع مسؤولية دول المنطقة عن شؤونها وعن مستقبلها هو الموضوع الأساسي الذي يحتاج إلى نقاش عميق بين الطرفين، بحيث لا تكون هناك مواجهة مع المخططات الأميركية، ولا يكون هناك في الوقت نفسه إلغاء لرأي دول المنطقة ودورها في رسم صورة مستقبلها. ولعله من الضروري توسيع التنسيق ليشمل ايران، بحيث يمنع انفراد أية قوة دولية برسم سياسات تتجاهل الآخرين. وفي توجه كهذا يكون الاتفاق على سرعة انهاء الاحتلال الأميركي للعراق، وسرعة تشكيل حكم وطني يعبر عن شعب العراق، مطلباً أساسياً وضرورياً، وتستطيع الدولتان، بالتعاون مع ايران، المساهمة فيه بشكل ايجابي.

ولا يشكل موضوع العراق هنا مجرد مطلب سياسي، ذلك أن العلاقة السورية ـ التركية لا يمكن إلا أن تكون علاقة ثلاثية تشمل العراق، وذلك بسبب التجاور الجغرافي، وكذلك بسبب قضية المياه التي يمكن أن تشكل عصب علاقة استراتيجية دائمة، يشكل الاتفاق عليها مدخلاً للاستقرار.

أما العلاقات الثنائية بين البلدين، والعلاقة الاقتصادية بشكل خاص، فهي مرشحة لأن تتسع وتتنامى، ومرشحة لأن تقدم فائدة للطرفين يحتاجانها في هذه الفترة بالذات، وبخاصة حين تقول الأرقام إن التبادل التجاري بينهما مرشح لأن يرتفع من 800 مليون دولار إلى أكثر من خمسة مليارات دولار في العام.

وحين تنجح زيارة رئيس الوزراء ميرو، في إرساء أساس من التفاهم حول هذه القضايا، فإن ذلك سيكون تمهيداً لزيارة منتظرة يقوم بها الرئيس السوري بشار الأسد بعد أشهر، لكي تتولى تلك الزيارة رسم الأفق الاستراتيجي للعلاقات السورية ــ التركية، بحيث يتم استناداً إليها الإقدام على رسم خارطة جديدة للمنطقة، تتلاقى فيها القوى الثلاث المشكلة لها، العرب وتركيا وايران، باعتبار أن هذه القوى تنتمي إلى حضارة إسلامية واحدة، تستطيع أن تشكل النسيج الأوثق في رسم صورة حضارية تستطيع أن تتعامل مع العالم بانفتاح واقتدار.