صيغة طائفية للعراق

TT

ستقع القوى السياسية العراقية في خطأ تاريخي جسيم إذا قبلت بصيغة طائفية وقومية واثنية لادارة العراق. والصيغة الطائفية تبدو وكأنها أسهل الطرق واكثرها قبولاً حين يتم تقسيم «الكيكة» العراقية بين طوائف واثنيات على الطريقة اللبنانية او غير اللبنانية ويشعر الجميع ـ او هكذا يبدو ـ انه ممثل في كل المؤسسات والهيئات.

الصيغة الطائفية والعرقية ستكون خطيئة تاريخية بحق العراقيين وأبنائهم وأحفادهم، فهي ستؤسس لدولة متخلفة غير قادرة على الابداع، حيث يتم اختيار قيادات المجتمع على اساس طائفي وعرقي وليس على اساس الكفاءة، وحيث ستدفع هذه الصيغة العراقيين دفعاً للارتماء في احضان طوائفهم وقومياتهم وعشائرهم باعتبارها الطريقة الوحيدة للدفاع عن النفس ضد «الآخرين»!!

الصيغة الطائفية سهل ان تقوم ولكن من المستحيل ان تلغى لأنها سترتبط بمصالح قيادات هدفها تكريس الفكر والانتماء القبلي والطائفي والقومي من اجل استمرار بقائها كقيادات، وحيث سيتم اختطاف كل العراقيين تحت مسميات الطوائف والمرجعيات وانقسامات الجاهلية الاولى.

الذين لا يعرفون العراق ولم يقرأوا تاريخه المعاصر يعتقدون ان العراقيين شعب طائفي، وكثير من المثقفين والمفكرين العرب انزلقوا وراء تحليلات ساذجة لمؤسسات غربية تربط بين كل شخصية عراقية وبين طائفته، وكثيرون لا يعرفون ان العراق الحديث لم يشهد حروباً طائفية وخاصة بين السنة والشيعة، وان عمليات القتل والتصفيات التي عرفها العراق وراح ضحيتها شخصيات سياسية كانت تتم بين الطائفة الواحدة في معظم الاحيان، وبعض الذين قرأوا اسماء المجلس الحاكم في العراق راحوا يسرحون في تحليلاتهم الطائفية معتقدين ان اعضاء هذا المجلس تحركهم انتماءاتهم الطائفية بالريموت كنترول، ومتناسين ان الشيعة هم شيع واجتهادات مختلفة واحياناً متناحرة، وان السنة والأكراد وغيرهم هم كذلك.

الموقف الحاسم من مثقفي العراق وقادة قواه السياسية ضد اية صيغة طائفية مقترحة هو مقياس اساسي للوطنية، فالصيغة الطائفية هي صيغة انتحارية، ولا يجوز ان يصوم العراقيون كل هذه السنوات العجاف ليفطروا على دولة طائفية.