الشعراء في إخوانياتهم

TT

في عام 1917، امرت السلطات البريطانية بنفي امير الشعراء احمد شوقي خارج مصر. واحترم الانجليز مكانته في عالم الادب العربي فجعلوا منفاه في بلاد الاندلس قريبا من مصادر الوحي لتلك الموشحات والقصائد العربية الخالدة. بيد ان وجوده قريبا من قصر الحمراء والمسجد الكبير في قرطبة لم يخفف من حنين الشاعر الى بلاده واصحابه، وعلى رأسهم شاعر النيل حافظ ابراهيم، فارسل اليه الابيات الثلاثة التالية يعبر فيها عن لواعجه من الم الفراق عن وطنه حيث قال:

يا ساكني مصر انا لا نزال على

عهد الوفاء، وان غبنا، مقيمينا

هلا بعثتم لنا من ماء نهركم

شيئا نبل به احشاء صادينا

كل المناهل بعد النيل آسنة

ما ابعد النيل الا عن امانينا

ما ان تسلم حافظ ابراهيم خطاب صديقه، الذي ضمنه تلك الابيات الثلاثة حتى تناول القلم ليعقب عليها بمثلها من ابيات ثلاثة بذات الوزن والقافية على نهج الاخوانيات الشعرية فقال:

عجبت للنيل يدري ان بلبله

صاد ويسقي ربا مصر ويسقينا

والله ما طال للاصحاب مورده

ولا ارتضوا بعدكم في عيشهم لينا

لم تنأ عنا وان فارقت شاطئه

وقد نأينا، وان كنا مقيمينا

نشرت هذه الابيات في 8 مايو عام 1917، وبعد اكثر من نصف قرن، قرأها الدكتور الشاعر ربيع السعيد عبد الحليم، فأهاجت في نفسه الشاعرية لواعج من نوع آخر، فواصل الحوار بأبيات ثلاثة مناظرة، حيث قال:

من كوثر بجنان الخلد ربكما

بعد الرحيل لدار سوف تؤوينا

لو تعلمان مصاب النيل بعدكما

وما جنته على الشطآن ايدينا

سألتما الله غفرانا لناشئة

لم تحفظ العهد بل سرت اعادينا

وكانت دمعة حنين من شاعر معاصر، طبيب واديب، لعهد مضى ولأرض نأت به على شطآن النيل وهو اذ كان يعمل ويقيم في المملكة العربية السعودية في مستشفى الملك خالد الجامعي في الرياض.