أناقة عقلية

TT

بعد عمر مديد في الشرق ومثله في الغرب ما يزال هشام شرابي يرفع لافتة دور النساء في التقدم ولا يمل منها ويطالبنا الا نمل من تكرارها. وهذه المرة اضاف اليها دور الفضائيات وهو محق في الاثنتين فالفضائيات هي المؤثر الكبير على الوعي السطحي والنساء على الوعي العميق.

ولا اعرف ان كان الدكتور شرابي قد سأل نفسه وماذا لو تأئرت النساء بغث الفضائيات؟ وبعضهن يتأثرن حتى لو كن من اوساط النخب المثقفة. فقد كان بين النساء على قلتهن في مؤتمر الثقافة العربية بالقاهرة من يشهد مظهرها انها لم تفوت حلقة واحدة من برامج الموضة ليس استماعا فحسب بل تطبيقا مملا الى اصغر الاكسسوارات والشراشيب وهذا لا يضير. فالاهتمام باناقة الجسد تكمل اناقة الافكار التي بالرأس، والمرأة الانيقة ليس من الضروري ان تكون سخيفة دائما والا لجاز ان نوجه ذات الاتهام للرجال من متعاطي الفكر وبين هؤلاء من يحرص على ـ السينييه ـ اكثر من النساء.

هدى عبد الناصر كانت تلفت النظر في المؤتمر ليس لانها ابنة رئيس جمهورية سابق بحجم جمال عبد الناصر انما لجديتها في الحضور والمتابعة والنقاش وكانت الدكتورة هدى قد فرضت نفسها كباحثة عميقة وجادة منذ كتابها عن الحركة الوطنية المصرية في ظل الاحتلال الانجليزي وبعض سنوات الاستقلال وهو مشروع ما تزال تواصل الحفر فيه بكل دأب الباحثات المسكينات اللواتي لم يسعفهن الحظ مرتين بأن يكن بنات زعيم كبير وان يتزوجن من المليونير المعجزة.

ملكة الاناقة في المؤتمر كانت اللبنانية فهمية شرف الدين واللبنانيات بالاناقة لا يحتجن الى وصية وشهادة لكنهن يبقين كتركيبة لبنان طبقات ومراتب. فالدكتورة منى فياض وهي استاذة في الجامعة اللبنانية حرصت على اظهار اناقة رأسها وحده وعليه فان ملكة الاناقة لو اعطيت حق اختيار وصيفاتها لابعدتها فورا واستعاضت عنها بالمصرية هدى وصفي والاردنية الدكتورة عفاف البطاينة.

وقد احترت في تصنيف الدكتورة هالة فؤاد فهي انيقة شكلا ومضمونا وبنسبة اقل من حيث اناقة الشكل تأتي المغربية فاطمة ازوريل الكاتبة والمترجمة التي عرفت العالم العربي على فاطمة المرنيسي التي كانت وما تزال تكتب بالفرنسية. وكنت قد حادثت فاطمة المرنيسي ذات هاتف قريب عن جودة عربية مترجمتها فأثنت وأطرت، وحق لها فأسلوب ازوريل جعلها تدخل العربية وثقافتها من اوسع الابواب.

السوريات المثقفات وضعن انفسهن خارج المنافسة طوعيا. فقد كانت بثينة شعبان بين المدعوات لكنها لم تحضر. ولو حضرت فقد كان من المشكوك فيه ان تنافس فهمية شرف الدين. اما اناقتها العقلية فهي لا تحتاج لا الى دليل ولا الى منافسة لان كتبها عن الروائيات العربيات وغيرهن تشهد لها غيابيا بالتفوق في مجال البحث العلمي واناقة العقل المرتب دون صخب موديلات والوان.

ولم تكن في المؤتمر خليجية واحدة مع ان الكاتبات هناك اكثر من الكتاب. والمشكلة على هذه الجبهة النسوية معقدة اكثر من غيرها بسبب ضعف الحراك الاجتماعي في تلك المناطق قبل حقب الطفرة التي خلخلت البنيان الاجتماعي بشكل كبير وعميق وجذري لكن نتائج الخلخلة لم تظهر ولن تظهر قبل ربع قرن.

لقد توقعت قبل سنوات ان يحصل انفجار ثقافي نسوي في الخليج وما زلت عند هذا الرأي فالايام وكثرة الاسماء الجديدة تعزز هذا التوقع. والملاحظ ان نسبة الشاعرات قليلة بين الوافدات الجديدات مع كثافة واضحة في الروائيات والباحثات والصحافيات. ولا ضير ان تلبس المرأة ما تشاء وتخلع ما تريد المهم ان تظل انيقة العقل والدماغ. فالاناقة العقلية جزء اساسي من الجمال الانساني المثير.