في ذكرى مأساة خطيرة

TT

إنها لمصادفة تدعو للتأمل، تلك التي جمعت بين انتهاء محادثات الوكالة الدولية للطاقة الذرية مع إيران يوم الأربعاء الماضي وذكرى إسقاط قنابل ذرية على مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين سنة 1945.

فبعد 58 سنة تظل تلك الكارثة في مسلسل تاريخ المآسي البشرية مركزا لإثارة الجدل المرير بين الناس. فأولئك الذين يبررون استخدام السلاح النووي ضد اليابان يقولون إنه لولاه لاستمرت الحرب سنتين أخريين ولأدت إلى مقتل أكثر من مليون شخص. أما أولئك الذين يؤمنون بأن إسقاط القنبلتين النوويتين على المدينتين اليابانيتين هو عمل إجرامي، فمع هزيمة ألمانيا واحتلالها كانت اليابان في طور التفكير بالاستسلام غير المشروط.

وأظهر آخر بحث قام به بعض الأكاديميين اليابانيين أن الأمبراطور وحاشيته كانوا يريدون استسلاما مبكرا، واستخدموا قصف هيروشيما وناغازاكي كحجة لصالح وجهة نظرهم وضد القادة العسكريين الذين كانوا يرغبون في استمرار القتال.

وتثير الأسلحة النووية مشاعر انفعالية من هذا النوع لأنه من غير الممكن اعتبارها مثل أي سلاح آخر، لأن آثارها المروعة تستمر لأجيال بعد استخدامها، وهذا ما يوجب وضع الأسلحة النووية في خانة خاصة. ولهذا السبب يجب أن يكون لمنع انتشارها الأسبقية في الأجندة الدولية.

واليوم هناك 25 من 198 دولة تنتمي إلى الأمم المتحدة تمتلك سلاحا نوويا أو أنها تقوم بتطويره ونشره في فترة قصيرة. وهذا يعني أن منع انتشار الاسلحة لهذه البلدان ما زال ممكنا، ومعه إنقاذ جزء كبير من العالم من الدخول في سباق نووي وزيادة التهديد بوقوع حرب نووية، اذا لم نقل ان مثل تلك الحرب او الاضرار التي يحدثها السلاح النووي يمكن ان تحدث باخطاء بشرية.

لكن مبدأ منع انتشار الأسلحة النووية لا يمكن أن يكون فعالا إذا كان يستند إلى مبدأ الكيل بميزانين. واحد لا يسمح لدولة ما بحق امتلاك أسلحة نووية وآخر يساعد بلدا آخر للقيام بذلك. وافضل مثال هنا المواقف الغربية من امتلاك اسرائيل لاسلحة نووية واسلحة دمار شامل. ولذلك يجب أن تجعلنا ذكرى هيروشيما وناغازاكي نتأمل في هذه الحقيقة: الفظائع الناجمة عن الحرب النووية ليست هي ذاكرة سوداء قادمة من عصر سحيق بل هي تهديد مستمر لمستقبل البشرية.