حينما تعرق أوروبا..

TT

بالنسبة للقادمين من الدول العربية، فإن رحلة هذا العام لاوروبا كانت عطلة في الوطن. فقد تعرضت معظم انحاء القارة الاوروبية الى موجة من الحر القائظ وشمس ساطعة تكاد تنافس شمس الخليج. ولعدة ايام في الاسبوع الماضي كانت الحرارة في روما وباريس ولندن مماثلة تقريبا للحرارة في المنامة.

ومما زاد من سوء الامر أن معظم اوروبا تعرضت ايضا لحرائق غابات قضت على مساحة تصل الى 10 آلاف كيلومتر مربع، وهو ما يساوي مساحة لبنان تقريبا، من مناطق الغابات في البرتغال واسبانيا وايطاليا وفرنسا. ومات ما يقرب من 5 آلاف شخص بسبب موجة الحر، من بينهم 3 آلاف في فرنسا وحدها.

وكان على الاوروبيين غير المعتادين على مثل هذا الطقس الحار، ويفتقرون للاستعدادات الخاصة للتعامل مع مثل هذا المناخ، مواجهة انخفاض كبير في عدد السياح. ففي بعض مناطق جنوب فرنسا، المكان التقليدي لرفاهية الاغنياء في اوروبا في فصل الصيف، بلغ الانخفاض حوالي 30%. ويمكن ترجمة تكلفة المناخ الحار هذا الصيف الى انخفاض بنسبة واحد في المائة في معدلات النمو الاقتصادي المتوقعة هذا العام في اوروبا.

وكشفت الموجة الحارة ايضا عن ضعف برامج الطاقة الاوروبية التي ركزت على استخدام الطاقة النووية. فنحن الآن نعرف ان محطات الطاقة النووية، ولاسيما في فرنسا، لا يمكنها العمل بطريقة آمنة في درجة حرارة اكثر من 35 درجة مئوية بدون الاضرار بالتوازن البيئي.

الا ان التساؤل الحقيقي هو ما اذا كان من الممكن، طبقا لما اشارت اليه صحيفة «لو فيغارو» الفرنسية في مانشيت في الاسبوع الماضي، ان تصبح اوروبا ضمن المناخ المعتدل)؟

ربما تؤكد موجة الحر انها كانت صدمة جاءت في وقت مناسب. فربما تركز اهتمامات الرأي العام على تأثير ظاهرة الدفء الحراري، وهي نتيجة مباشرة للنموذج الغربي لاستهلاك الطاقة. غير ان السؤال هو: هل يمكن للطبيعة مساعدتك على الاحتفاظ بأسلوب حياة يعتمد على الشعور بالرضا على المدى القصير من دون الاهتمام بتهديدات البيئة على المدى الطويل؟

مع اقتراب موجة الحر الاوروبية ومعها صيف الاستياء، فإن العديد في العالم الغربي يفكرون في الاجابة عن هذا السؤال.