سياسة بوش المالية الأسوأ خلال 200 عام ..!

TT

الحديث يجري عن المواعظ الى الكورس. فالرئيس بوش وفريق مستشاريه الاقتصاديين ممن يفتقرون الى الافكار والحلول عقدوا لقاء قمة في مزرعة الرئيس في كروفورد بولاية تكساس يوم الاربعاء الماضي. وهذه هي المجموعة التي تتسم باللامسؤولية الشديدة، والتي ادارات ظهرها للحساب البسيط، وتعتقد ان الجواب على أي سؤال اقتصادي يمر عبر تقليص الضرائب الهائل لصالح الاغنياء.

ان اوهامهم وخيالاتهم السحرية آمنة في كروفورد، فلم يكن هناك أحد في المزرعة ليعاقبهم على تحويل ارث عجوزات الميزانية القاصمة للظهر الى اجيال لم تولد بعد. ولم يكن هناك من يواجههم بدليل المعاناة الممضة التي تطحن الكثير من العائلات الفقيرة وابناء الطبقة العاملة والطبقة الوسطى في الوقت الحالي، بسبب فقدان الوظائف في عهد بوش.

وبعد اللقاء قال بوش ان «هذه الادارة متفائلة بشأن توفير فرص عمل».

ومن المؤسف تماما ان جورج أكيرلوف لم يكن حاضرا في الاجتماع. وكان أكيرلوف، الحائز جائزة نوبل للاقتصاد عام 2001، قد اعلن بفظاظة، الثلاثاء الماضي بأن «سياسة بوش المالية هي الاسوأ خلال السنوات الـ 200 الماضية» وقال اكيرلوف، الاستاذ في جامعة كاليفورنيا ببيركلي وهو يتحدث في مؤتمر صحافي نظمه معهد السياسة الاقتصادية انه «خلال عشر سنوات سندفع ثمنا باهظا لمثل هذه المواقف اللامسؤولة».

كما شارك في المؤتمر الصحافي الذي نظمه المعهد روبرت سولو، الاقتصادي والاستاذ في معهد التكنولوجيا بماساشوسيتس، وهو حائز جائزة نوبل ايضا، وقد هاجم سياسة بوش في استقطاعات الضريبة باعتبارها «تعيد توزيع الثروة في المحتوى وفي النتائج».

وقال انه «كان هناك تبديد لفائض الميزانية الهائل، وكل ما يتعين علينا اظهاره بشأن ذلك هو مدينة بغداد».

لقد كان بوسع الرئيس ومستشاريه ان يتعلموا شيئا ما حول العالم الواقعي لو انهم قاموا، بدلا من الاقامة والتسكع في المزرعة، بزيارة مدينة مثل لوس انجليس (أو تقريبا اي مكان اميركي آخر يواجه المصاعب) وقضوا وقتا في الحديث الى الناس الذين طردوا من العمل، وفي بعض الاحيان، من بيوتهم في اقتصاد بوش الغدار هذا.

وقد جرى الحديث عن احدى العائلات اللاجئة في «مؤسسة الانقاذ النقابية» في مقالة نشرت في الصفحة الاولى من احد اعداد صحيفة «يو اس اي توداي» الاسبوع الحالي. فويليام كامسترا، الذي كان يحصل على راتب يبلغ 40 ألف دولار سنويا قبل أن يفقد وظيفته، يبحث عن عمل كل يوم، بينما تقضي زوجته واولادهما الثلاثة نهارهم في المكتبة وهم ينامون في ملجأ المؤسسة. وجاء في المقالة ان «التشرد يتصاعد في المدن الرئيسية حيث اعداد متزايدة من العمال والموظفين المسرحين من عملهم ينتهون الى الشوارع او الملاجئ».

وقد ظهرت تلك القصة بعد يوم واحد في مقالة نشرت على الصفحة الاولى من صحيفة «وول ستريت جورنال»، اوضحت، على نحو لا لبس فيه، كيف كان احد استقطاعات بوش الضريبية اثيرا بالنسبة لمن يحتلون المراتب العليا: «ان تقليص الضريبة الفيدرالية، الذي خفض معدل الضرائب على ارباح الاسهم، وحفز الكثير من الشركات على زيادة الانفاق، يبرهن على انه نعمة بالنسبة لبعض مديري الشركات الذين يحصدون الملايين في مكاسب ما بعد الضريبة».

لدى بعض الناس مبرر في ان يكونوا متفائلين، فهذا هو افضل الاوقات او اسوأ الاوقات، الامر يعتمد على منظور المرء.

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»