هل الانتداب الأميركي هو الحل؟!

TT

ربما أن الولايات المتحدة، في عهد هذه الإدارة وفي عهد الإدارة السابقة، لديها الرغبة، كل الرغبة، في تطبيق «الحل المقبول والمعقول»، الذي فكرت وتفكر به بالنسبة للقضية الفلسطينية، لكن ما هو واضح وبات في حكم المؤكد، هو انه ليس لديها القدرة لتنفيذ هذه الرغبة، والرغبة بدون قدرة هي مجرد أمنيات ومجرد مضيعة للوقت ومجرد علاقات عامة.

هل يا ترى ان الدولة العظمى والأعظم والكبرى والأكبر هي الولايات المتحدة أم إسرائيل؟.. وهل يا ترى ان الرئيس الفعلي لأميركا، بالنسبة للوضع في الشرق الأوسط هو جورج دبليو بوش أم ارييل شارون، ثم هل ان الذي يقرر السياسة الأميركية بالنسبة للصراع في هذه المنطقة هو الإدارة الجمهورية في واشنطن أم الحكومة اليمينية والمتطرفة في القدس الغربية؟..

هناك يقين يصل إلى حد الجزم، بأن بوش صادق ولديه الرغبة العارمة عندما يقول ويكرر القول بأن «خارطة الطريق» سيجري تطبيقها وأن الدولة الفلسطينية ستقوم في عام 2005، وأن الصراع في الشرق الأوسط يجب أن ينتهي وأنه لا بد من وضع حد لآلام وعذابات الشعب الفلسطيني.

لكن وبالمقدار ذاته، فإن هناك يقيناً يصل حد الحزم بأن رغبة بوش هذه لا يمكن تطبيقها ولا تنفيذها ولا يمكن أن ترى النور ما دام ان الادارة الأميركية تستجدي الاستجابة الإسرائيلية استجداء وما دام ان هناك غيلاناً في واشنطن نفسها ذات تأثير كاسح وهي التي تقرر وولاؤها لشارون وإسرائيل أكثر من ولائها للرئيس الأميركي وللولايات المتحدة.

إذا لم تحسم الولايات المتحدة وتحرر سياساتها الشرق أوسطية من تأثيرات وهيمنة مراكز القوى «الصهيونية» في واشنطن، وإذا لم تلزم ارييل شارون بالانصياع لمعطيات أن هناك أراضي محتلة وأن هناك قرارات دولية لا بد من تطبيقها وأن ما يجري في فلسطين، في الضفة الغربية وغزة، هو مقاومة شرعية لشعب من حقه أن يتخلص من الاحتلال وأن يقرر مصيره بنفسه وليس عصياناً مدنياً فإن الأمور ستسير من سيئ إلى أسوأ وإن بؤرة التوتر هذه ستزداد اشتعالاً وإن الصورة التي يحلم بها الأميركيون لن تكون على الإطلاق.

إذا أراد الرئيس جورج دبليو بوش أن يحرز التقدم الذي يطمح إليه بالنسبة لهذا الجرح المزمن والملتهب، فإن عليه أن يرفد الرغبة بالقدرة، وان عليه ان يلزم الإسرائيليين بالاعتراف باحتلالهم لأرض الفلسطينيين ووطنهم وبالاعتراف بأن مقاومة الشعب الفلسطيني ليست عصياناً مدنياً ولا تمرداً ضد وجود شرعي وأن الأمن الذي ينشده الشعب الإسرائيلي لا يمكن أن يتحقق مع بقاء القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية وغزة وان مقولة شارون، ان الارض إسرائيلية وان الشعب الفلسطيني لا يستحق أكثر من إدارة مدنية على هذه الارض مقولة عنصرية ومريضة وسخيفة ولا يمكن أن يقبل بها الفلسطينيون حتى وإن أبيدوا عن بكرة أبيهم.

لا يمكن أن تُحقق الإدارة الأميركية شيئاً من خلال هذه المداهنة ولا يمكن أن يتحقق أي شيء على صعيد حل النزاع في الشرق الأوسط ما لم تكن لدى الولايات المتحدة القدرة على فرض الحل الذي تتحدث عنه.. وهنا وإذا كان لدى الولايات المتحدة مثل هذه القدرة فإن عليها ان تفرض نفسها كدولة منتدبة على الاراضي الفلسطينية من الآن وحتى قيام دولة فلسطينية في عام 2005، وان عليها ان ترسل قوات فصل أميركية، بحيث تنسحب القوات الاسرائيلية من الضفة والقطاع وتتمكن السلطة الوطنية من فرض سيطرتها الأمنية والإدارية والسياسية على الأراضي الفلسطينية ويتحقق الأمن المطلق للإسرائيليين في الداخل وعبر «الحدود».