مواقف فلسطينية متناقضة

TT

مخطئة بعض الفصائل الفلسطينية اذا اعتقدت انها تستطيع ان تدير الصراع مع اسرائيل من خلال رؤية سياسية خاصة لا تأخذ بالاعتبار الحالة الخاصة لظروف هذا الصراع المعقد، وتداخل العوامل الاقليمية والدولية وتشابكها بشكل غير مسبوق.

من الخطأ ان يغني كل على ليلاه في الساحة الفلسطينية، والمستفيد الاكبر من تشرذم الموقف الفلسطيني هو اليمين الاسرائيلي. والصورة الآن اصبحت واضحة، فاسرائيل تقوم بقتل قادة ميدانيين اساسيين في حركة «حماس» فترد «حماس» بتفجير مطعم يكون ضحاياه من المدنيين وتكون النتيجة ان قادة اسرائيل يكسبون مرتين، مرة بقتل قياديين اساسيين في الحركة، ومرة بالتجارة بدماء الاطفال والنساء امام الرأي العام العالمي.

لا نجادل في حق الفلسطينيين في الحرب مع اسرائيل، بل اننا سنكون من اللائمين والناقدين لهم لو تخلوا عن هذه المهمة، ولكن العنف في الصراعات السياسية يحتاج دائما الى سقف سياسي، ولا بد من وجود هدف محدد للعنف تكون أولى أولوياته ربح الحرب او فرض سلام عادل على الطرف الآخر. اما العنف دون سقف سياسي، واما الخسائر البشرية واقامة مراسم دفن الشهداء ثم الاحتفال باستشادهم والتضحية بالمدنيين فهو امر يستحق وقفة تأمل ودراسة متعمقة وشجاعة.

الفلسطينيون لن يربحوا قضيتهم اذا استمرت كل جماعة سياسية تعتقد ان برنامجها ورؤيتها للصراع هي الرؤية الوحيدة واليتيمة التي لا تقبل المناقشة، وهناك اسئلة محددة تتعلق باستحقاقات السلام وبقضية الهدنة المؤقتة وقضية الانسحاب الاسرائيلي والدولة المستقلة وغيرها من التفاصيل اليومية الكثيرة وهي امور لا بد من مناقشتها بشجاعة بعيدا عن المواقف الآيديولوجية المسبقة وغير القابلة للنقاش.

والفلسطينيون لا يكفيهم ان قضيتهم عادلة، هناك شعوب اندثرت رغم عدالة قضيتها، لأن هناك شروطاً للحرب وللسلام، ولأن هناك موازين قوى، والذين يعتقدون ان رؤيتهم الخاصة كافية لحل نزاع معقد ومتداخل سيخطئون بحق انفسهم وشعبهم وهذا ما لا نتمناه.