إلى متى المكابرة..؟

TT

سؤال واحد يتقدم سائر الاسئلة لحظة النظر الى تعاطي واشنطن مع الملف الفلسطيني ـ الاسرائيلي، وهو: هل من الممكن القول إن تحرير شهادة وفاة للمنهج الاميركي في تعاطيه مع هذا الصراع قد أصبحت واجبة قبل تحرير شهادة وفاة أخرى متوقعة لخارطة الطريق.. وفي الذهن هنا المخطط الشاروني تجاه تلك الخارطة؟

عطاء الواقع، وللأسف، يقترب من الوصول الى مثل ذلك الحكم، بعد أن عجزت الادارة الاميركية الحالية عن التحدث الى صقور الليكود بلغة تحمل النصح دعك من الانتقاد، وبعد أن غلب الطبع على هذه الادارة فلم تطق أن تمضي بحالة التظاهر العارضة بالحيدة التي عرضت هي الاخرى على مزاجها وهي تستقبل أبو مازن لاول مرة بعد سبعة لقاءات مع شارون في 30 شهرا، فعادت للانبطاح ومجاراة نبرة خطاب الثاني بما يقترب من المؤامرة على الأول (أبو مازن )، والمتوقع لها أن توالي الانبطاح المفهوم جدا مع مستحقات العد التنازلي لتدشين حملة رئاسة 2004 الأميركية.

وليس في مثل هذا الاستنتاج من شطط أو تجن على منهج الادارة الاميركية، فهذا هو شارون يقدم ما هو أمني على ما هو سياسي وواشنطن صامتة، وهذا هو بيد مبسوطة في ممارسة الاغتيالات وتحقين مشروع خارطة الطريق، ومعه سلام المنطقة كل يوم بعبوات ناسفة فيما تلوك واشنطن معه كل صباح لبانة الإرهاب وتفكيك بنياته، تاركة له مهام وأد الهدنة التي ولدت بعد مخاض شاق، ومعها بارقة الأمل التي جاءت معها لجهة الانتقال النوعي والمتدرج بمفاهيم الفصائل الفلسطينية المقاتلة لما يمكن أن تكون عليه آليات الحلول للنزاع، أو قل توليد الثقة كرها مع انسان ما من عداوته بد، مثل شارون، وذلك أقصى نكد الدنيا على أي كائن كما تقول العرب.

فما العمل..؟

التقدير، أن الاعتراف بالمشكلة، في السياسة وفي غيرها، يشكل نصف الطريق نحو حلها، ولكن مثل هذا الاعتراف المطلوب، وبمستحقاته المعروفة أيضا، لم يداعب بعد خيال صانع القرار الأميركي، وتلك هي اشاراته، وفي خضم حالة التوتر غير المسبوقة التي تعيشها المنطقة ومسارح الصراع الاسرائيلي الفلسطيني، تتحدث عن ايفاد مبعوث يمهد لزيارة مبعوث آخرعلى مستوى أكبر، في تغافل وغفلة واضحتين بعنصر الوقت وحيويته في تصعيد تعقيدات قائمة لصراع من شاكلة هذا الصراع، وغافلة عن ثبات شارون على مبدأ أن يأخذ ولا يعطي وكأن الهدنة يمكن أن تكون يوما من طرف واحد.

فما العمل..؟

لا أحد يريد أن يلقي بالمواعظ على واشنطن، ولكن اعترافا منها يصبح مطلوبا بفشل منهج تعاطيها مع هذه القضية وذلك لم يعد محل جدال بالنظر اليه في اتجاهيه الاثنين، أي انفرادها برعاية العملية السلمية وحرمان الآخرين من الاقتراب منها أو ملاحقة أجور الاجتهاد فيها، ثم آليات التعاطي معها بايقاع لا يبدو أنه يأبه بوجبات الدماء والاشلاء التي تقدمها سياسات شارون كل صباح، دعك من اختطاف واشنطن لتعريف الارهاب منذ 11 سبتمبر (ايلول) 2001 وهو الاختطاف الذي جعل من شارون لديها رجل سلام ومن ياسر عرفات ارهابيا، ومن الدولة الدينية اليهودية في اسرائيل دولة تستحق الحماية وضمانات تفوقها العسكري، ومن سائر الاحاديث عن الديانات الأخرى، حتى من غير دولة ضربا من ضروب الكراهية لنبوغ اميركا أو العداء للسامية، وذلك نكد آخر بالآخرين كان من الممكن أن يخفف من غلوائه على النفوس اعتراف من واشنطن، وان جاء منمقا،بفشلها في مهام ومستحقات الانفراد برعاية الصراع الفلسطيني ـ الاسرائيلي.