من المقصر؟

TT

يعاتبني المواطن الفلسطيني فراس السائح على ما كتبته عن العرب والفلسطينيين، خصوصا بشأن العراق. يقول ان معارضة الحرب كانت موقفا لكثير من دول العالم ولم تقتصر على العالم العربي وحده، بل حتى في داخل الولايات المتحدة... وما قامت به امريكا من ازاحة صدام حسين قامت به خدمة لمصالحها... وقد اكتوى الشعب الفلسطيني وما زال بنار الاحتلال الصهيوني منذ 54 عاما، وبدعم مادي ومعنوي من امريكا.. ومن حق خالد القشطيني ان يكون في جانب مؤيدي الحرب ولكن ليس من حقه مصادرة آراء الآخرين.

يا اخي فراس، اعتراضي ليس على معارضة الحرب. هذا موقف شريف وانساني. اعتراضي منصب على تأييد صدام حسين وعدم معارضة الحرب عمليا وتفاديها باقناعه بتنحيه عن الحكم. كما تعلم، الفلسطينيون ايدوه على طول الخط حتى في غزوه للكويت. ويرفضون حتى الآن الاعتذار للكويت عن هذا الخطأ. لم اسمع من قياداتهم اي تنديد لما كان يفعله بشعبه. عدي رجل مجرم اعتقله حتى والده لقيامه بقتل شاب في سورة سكر ومجون. يختطف المحصنات من الشوارع ليغتصبهن. سجل جرائمه لا ينتهي. والفلسطينيون يسمونه شهيدا ويقيمون له مجالس عزاء!

تتحدث عن 54 سنة من معاناة الفلسطينيين. ماذا عن الـ 35 سنة من معاناة العراقيين؟ اسرائيل لم تضربكم بالغازات السامة. صدام اباد مدينة حلبجة بكاملها بالغازات السامة. نحن لم نسكت عما فعلته اسرائيل بكم ولكنكم سكتم عما فعله صدام بنا، بل صفقتم له وحملتم صوره.

بالطبع امريكا غزت العراق لمصالحها. ولكن مصالحها تطابقت في رأيي مع مصالح العراقيين، وهي اسقاط نظام دكتاتوري، اقامه حكم لبرالي علماني، اتباع حرية التجارة والعولمة واقتصاد السوق، ضمان تدفق النفط باسعار السوق. محاربة الارهاب وحرية المرأة. الهدف الوحيد الذي قد يعترض عليه العراقيون هو التطبيع مع اسرائيل.

يا سيدي، الفلسطينيون لم يكتووا بالاحتلال الصهيوني بقدر ما اكتووا بالسياسات الخاطئة والانتهازية لقياداتهم منذ الثلاثينات. انت فلسطيني وتعرف ما اعني. يأتي ضمن ذلك مراهنتنا على الحصان الخاسر ـ السوفييت. امريكا لم تؤيد اسرائيل على طول. حاول آيزنهاور وإيدن اقامة الصلح بين العرب واسرائيل بارغام اسرائيل على الانسحاب من معظم الاراضي التي انتزعتها من الجانب العربي في 1948. باءت المحاولة بالفشل لوقوفنا ضد اي شيء تقدمت به امريكا. لولاها لما استطاع ناصر استعادة سيناء في 1956، ولكننا واصلنا المراهنة ضدها وخسرنا الرهان. العجيب اننا ما زلنا نواصل هذه المراهنة رغم علمنا بأن الحصان الذي راهنا عليه قد كبى ومات.

كما ترى، حاشا ان اصادر رأي اي احد، الشيء الوحيد الذي حذفته من رسالتك هو مدحك لي. ما يثير اعصابي ضد المثقفين العرب والفلسطينيين هو سعيهم الحالي لمنع العراق من النهوض وتضميد جراحه بتشجيعهم لما يسمونه بالمقاومة الوطنية وسحب قوات التحالف، عالمين حق العلم بأن ذلك يؤدي الى اغراق العراق في واحة من التقاتل والفوضى لم يشهد مثلها في التاريخ، ثم عودة صدام حسين ليشفي غليله بحمام من الدم يؤدي الى حرب اهلية وصوملة العراق، وخروجه كليا من مسرح التاريخ. كل من يشجع هذه المقاومة يرتكب جريمة بحق العراقيين. ولن ينسوا له ذلك. خلوا بالكم يا عرب!