رحيل الحكيم

TT

في سنوات غربته الأخيرة كان محمد باقر الحكيم يقضي العشر الأواخر من رمضان في الكويت في كل عام. وكان في كل مجلس يدعى اليه يكرر دعوته لأن يحتفل برمضان القادم في بغداد!!

في الاسبوع الثاني للحرب في العراق تحدثت معه عبر الهاتف وكان في العاصمة الايرانية طهران واذكر انه قال «هذه المرة سنحتفل برمضان في بغداد ان شاء الله» وقلت ان شاء الله!!

عاد محمد باقر الحكيم الى وطنه بعد غربة سنوات طويلة، رفض كل طروحات المزايدين والمتطرفين ودعا الى التفاهم والسلام وشارك في مجلس الحكم المؤقت عبر اخيه عبد العزيز الحكيم، لكن التطرف والقتلة المحترفين لم يمهلوه فالتحق بركب طويل من ابناء عائلته الذين ذهبوا ضحية العنف والتطرف.

الذين قتلوا محمد باقر الحكيم اختاروا المكان بشكل دقيق، فمشهد القتل تم امام ضريح الامام علي في مدينة النجف وهي رسالة تحمل معاني كثيرة، واختاروا الزمان بشكل دقيق فالعراق بحاجة الى حقن الدماء والى قادة يتصرفون بعقولهم لا بعواطفهم، ومقتل محمد باقر الحكيم ليس مجرد قتل شخص بل محاولة اثارة فتنة وخلق حالة من التوتر في وقت يحتاج فيه العراقيون الى كثير من الهدوء والاستقرار في هذه الظروف المعقدة التي يعيشها العراق.

مسلسل العنف والقتل يصب في مصلحة بقايا نظام صدام حسين وفي مصلحة كل الذين لا يريدون الخير للعراق واهله، ومقتل محمد باقر الحكيم هو محاولة لدفع البلاد الى الفتنة والى الكراهية، ولا شك ان العراقيين بكل الوان طيفهم السياسي يدركون حجم الوحدة الوطنية في مواجهة هذه الأعمال الاجرامية، ويدركون قراءة ماذا تعني مثل هذه الاعمال الاجرامية.

رحم الله محمد باقر الحكيم، سيدفن بجوار آخرين من اهله ذهبوا ضحية العنف الأعمى، ولكن الأمل، كل الأمل، ان يسمو اهله ومحبوه فوق جراحهم من اجل عراق مستقر بديل لعراق الغابة والتوحش.