الأم التي بقيت عذراء

TT

«لم أجد طيلة حياتي الحب الصادق... الرجل الذي أمنحه حبي»

ـ أمينة رزق ـ

سألوها بعد الحرب العالمية الثانية

لمن تهدي قبلتها؟

قالت للمارشال زوكوف

فاتح برلين وقاهر هتلر

سألوها عن الحب في حياتها

قالت انها لم تعرفه

لم تحب

لم تعرف الرجل الذي تمنحه حبها

سألوها عن شبابها

قالت انها لا تريد ان تعمِّر

فسخرت منها الشيخوخة

عاشت 93 سنة

*

أمينة رزق قصة كفاح

يتيمة الأب

فقيرة الأم

صبية في ربيعها الثالث عشر

تغادر طنطا مع خالة في سنها

تبحث عن مستقبلها في المدينة الكبيرة

فاختارت اصعب المهن

اختارت ان تكون ممثلة

وفي رصيدها صباها

وصفاء بياضها

وزرقة عينيها

وصلابة ارادتها

وموهبة تتحدى فقرها ويتمها

*

أمينة رزق ملحمة كبرياء

حلف طويل مع قلة الحظ

صبية على مسرح العمالقة

مع كوميديا علي الكسار

مع تراجيديا يوسف وهبي

أصبحت نجمة كبيرة

لكن البطولة غالبا للمنافسات

للفاطمتين على مسرح العشرينات

فاطمة روز اليوسف

وفاطمة رشدي

عندما انتقلت الى سينما الاربعينات

سرقت المراهقات منها الأضواء

براءة فاتن حمامة

وشقاوة شادية

أصبحت أمينة، في ميعة الصبا، أما

أما لكل الكواكب

أما لكل النجوم

رضيت أمينة بالقسمة والنصيب

اكتهلت في دور الأم

شاخت في دور الأم

الأم التي بقيت عذراء

الأم التي احتفظت بالكبرياء

*

يا لَلنساء من الرجال!

يريدونها أما حاضنة دجاج

دجاجة لا تنقّ

لا تصفق بجناحيها

دجاجة تعيش... لتبيض

لا لتتعلم

لا لتعمل

لا لتشارك

لا لتتحرر

كفاح المرأة، عندنا، وجاهة

احتكار للمرأة المعطرة

امتياز للسيدة الأولى

أمة مصابة بالفصام

فلا كفاح مشتركا للرجال والنساء

*

عذب الرجال أمينة رزق

علمها يوسف وهبي النطق

صقل موهبتها الفنية

قدمها في مسرحية «راسبوتين»

ونفحها أربعة جنيهات

انتقل راسبوتين الى السينما

فجعلها تمثل معه بلا أجر

سقط سعر الجنيه

فرفعوا سعر الأم إلى عشرة آلاف

ومنحوا البطلة مئات الألوف

شاخت الأم فرضيت بالأدوار الصغيرة

لكي تظل في دائرة الضوء

لكي لا تقتلها العزلة

لكي لا تحزن في الوحدة

كرمتها السياسة

فأصبحت عضوا في مجلس الشورى

صوتها في الشيخوخة كان ضعيفا

فما حالفت الرجال

ولا دافعت عن النساء

*

تزوجت زرقاء الكنانة الفن

فربطتها الشائعات بالعشاق

رضيت بدور الأم

أنجبت 500 مسرحية ومائة فيلم

فعذبها محمود المليجي بدور الأب