العراق.. ما قبل شفير الهاوية

TT

توشك عملية الاغتيال البشعة لآية الله محمد باقر الحكيم أن تنتقل بالعراق بحاله، الى مرحلة جديدة تستدعي وبالضرورة انتقالا من نوع آخر بالمنظور والآليات التي يتم بها التعاطي مع مأزق الأمن الماثل، وعدم الاستخفاف بالقضية كالقول بأن دائرة العنف هذه من صنع فلول قصيرة النفس أو أن عبء بسط الأمن في العراق يمكن أن يحققه مجرد وجود هياكل ادارية أو عمليات تبديل لوجوه القوات الاجنبية الموجودة على أراضيه.

ومثل ذلك الاستنتاج لا يحتاج الى دليل أو اجتهاد، فاختيار محمد باقر الحكيم من نوع الجرائم التي يصحبها أهل القانون بعبارة «مع سبق الاصرار والترصد»، لأن هناك مسافة خمسة أيام فقط بين جريمة أول من أمس وجريمة الأحد الماضي التي استهدفته ونجا منها، بما يعني أن مدبري الجريمة أيا كانوا على حرص تام على نوعية الضحية ووزنها السياسي والديني لتوظيفه نحو أهداف عدة ذهب تقديرهم معها الى أن من هو في قامة الحكيم وحده هو الذي يمكن أن يحققها لهم في هذا الظرف الزمني المحدد والعصيب. ولعل أول تلك الاهداف محاولة ادخال العراق الى نفق حرب دينية ومذهبية باعتبارها حلقة الجذب الكبرى التي يمكن أن تتوالى لتستقطب حروبا أخرى فيه على خلفيات أخرى، وتربة العراق بحقائق التاريخ والجغرافيا، وبحساباتهم أيضا، مؤهلة وحاملة لمقومات تلك الحروب، دعك من وجود السوابق المماثلة في تاريخ المنطقة المعاصر. وبين الاهداف أيضا محاولة أقلمة العنف الدائر بين مدبري هذه الجرائم وبين القوات الأجنبية، وبحساباتهم أيضا، بجر بعض دول الجوار الى هذه الحلقة الدموية.

الى ذلك تبدو ليالي المشهد العراقي حبلى بالكثير مع اختيار ونجاح مثيري هذه الفتن في اصطياد شخصيات ومواقع شديدة التأثير على مسارات الأمور، لأن اغتيال ممثل الامم المتحدة دي ميلو من قبل الحكيم حمل فيما حمل من أهداف لمرتكبي الاثم استباق جهود اعمار العراق برسائل للآخر بينها انعدام الأمن وهو أول ما يبحث عنه أي مستثمر.

من هنا تأتي المطالبة بأن يتزامن الاهتمام بالأمن مع الاهتمام بما هو سياسي واقتصادي، إن لم ينل الامن أولوية خاصة أمام تحديات وضح معها أن المتآمر على أمن العراق يريد أن يتعامل بلغة «علي وعلى أعدائي».