القضاء على الإرهاب أولا قبل الإعمار

TT

إعلان الحرب على الإرهاب رسميا هو الرد الوحيد على العملية التي بعثرت أشلاء السيد محمد باقر الحكيم، وهدمت قسما من ضريح الإمام علي بن أبي طالب في النجف يوم 8/29 .

اخطر ما في الأمر، ليس العملية نفسها بالرغم من فظاعتها، بل الطريقة التي سيتعامل بها العراقيون معها. التظاهرات والاستنكارات السلمية شيء مفيد فهي أسلوب سياسي متحضر. بينما اللطم والنعي والعويل تزرع بالنفس حالة رضى وتدفع الى الكسل. الأسوأ هو ان تُترك الساحة لبعض المتهورين وقليلي الخبرة من رجال الدين الشباب الذين ظهروا في نهاية النصف الثاني من التسعينات، بعضهم يشتبه بصلات مع النظام السابق، ومحاولته خرق صفوف الساحة الشيعية الدينية.

انه لمن المؤلم سماع بعض الأصوات تردد سخافات اتهام الطرف الأميركي بارتكاب جريمة تفجير مرقد الإمام علي بي أبي طالب وقتل حفيده الحكيم. تؤلمني هذه الأصوات لأنني اعلم انها تُفرح صدام وحلفاءه، هؤلاء الذين اتهمهم كثيرون بالوقوف وراء جرائم التفجيرات الأخيرة في العراق. بل استطيع ان ادّعي ان تلكم الأصوات هي بمثابة شهادة براءة وخلاص لهذا الحلف المميت، وعلى هذا فلا بد للحلف ان يكون ممتنا لهذه الأصوات.

ثُمة سؤال يطرح نفسه: كيف تقتل أميركا رمز الاعتدال ممثلا بالسيد الحكيم وتترك رمز التشدد متفردا بالنجف يسرح ويمرح بها كما يشاء، فرحا بإعلاء صوت العداء لأميركا التي قتلت عدي وقصي وقصمت عرش ملك صدام وعشيرته.

كان رد أميركا على هجمات الحادي عشر من ايلول الارهابية حاسما بإعلانها الحرب رسميا على الإرهاب. قام العالم ولم يقعد لحد الآن. من الطبيعي ان تُعلن أميركا الحرب. اذ ليس من المنطقي ان تقف مكتوفة اليدين عندما يُعلن طرف آخر الحرب عليها! وها نحن وأميركا الآن في العراق وجها لوجه امام الارهاب الذي استحضر كل قواه لمعركة حاسمة. فبدأ بالسفارة الأردنية، وتبعها بمقر الأمم المتحدة، ثم مرقد الإمام علي بن أبى طالب في النجف الاشرف. ولأن الإرهاب يعتمد على مبدأ صدم الناس، وإنزال ضربات ذات آثار عميقة، تراه ضرب مقر الأمم المتحدة، وحرص على قتل أهم شخصٍ هناك، ديميللو. ثم سعى لضرب مقر القداسة الشيعية في النجف (مرقد الإمام علي بن أبي طالب) على ان يكون الهدف أهم شخصِ هناك، السيد الحكيم. رسائل الإرهاب ذات أهداف سياسية لا تختلف عن أي رسالة سياسية أخرى، سوى انها تنزل على متلقيها الموت والألم، وعلى من يسمع بها الذهول والصدمة. بالطبع لم يضرب الإرهاب مقر الأمم المتحدة ولا مقر القداسة في النجف عندما كان نظام صدام الإرهابي في اوج قوته. والسبب ببساطة انهما كانا متعاهدين على الأقل ضمنيا على عدم تعرض أحدهما للآخر. نظام صدام والإرهاب ليسا عدوين تقليديين. ومن الغباء ان ننتظر حتى يضربا زوار مرقد الحسين في كربلاء بالسلاح الكيماوي كي نُعلن، نحن العراقيين، الحرب على حلف الاشرار هذا.

ان لمجلس الحكم الحق باعلان الحرب، طالما يعتقد أعضاؤه انهم ممثلون شرعيون لشعب العراق. بل ان واجبه التاريخي ان يعلن الحرب، فهي الوسيلة الوحيدة للدفاع عن شعب العراق ومقدراته. إعلان الحرب معناه ان نُسمي العدو باسمه، لتكون لمطاردتهم واعتقالهم وقتلهم الأولوية طالما بقيت نيران الحرب مستعرة.

لا بد من الاعتراف بأن الحالة الأمنية تستدعي تأجيل كل شيء حتى عملية إعادة الأعمار، بالرغم من الحالة المأساوية التي يعيشها العراقيون، الى حين القضاء على الإرهاب واجتثاثه من ارض العراق. فكيف تبني بيتك وأنت تعلم ان هناك من يتربص بك ويُعد العدة لتدمير ما تبني؟ أليس من الحكمة اولا ان تتعامل مع ذلك المتربص قبل ان يطمرك وعيالك طابوق بيتك المدمر؟ او تخنقك وعيالك غازات أسلحته الكيماوية؟!!

[email protected]