أنا من ضيع في الأوهام عمره!

TT

قد يضيع الإنسان وقتاً طويلاً من عمره في اشتياق وتمني ما ليس في متناول يده وذلك لأن رغبات الإنسان وأمنياته وأحلامه لا تنتهي.. ومهما حقق الإنسان من نجاح فهو يشعر دائماً أن ما لديه ليس بكاف وأن هناك متطلبات واحتياجات ورغبات لابد من توفيرها وتلبيتها وإشباعها.

ذلك الشعور بالاشتياق أو التمني هو شعور متغير ومتقلب فعندما يحصل الإنسان على ما يريد تبدأ مشاعر الاشتياق والتمني في التحول إلى أهداف أخرى، وهكذا تصبح مثل هذه المشاعر مصدر ألم دائم من الصعب الشفاء منه.

إن الشعور بالاشتياق والرغبة في تحقيق عدد لا نهائي من الأماني يبدأ مبكراً في حياة الإنسان، فالمرأة أو الرجل، على حد سواء، قد يمران بتجارب قاسية من الإهمال أو الهجر في مرحلة الطفولة ينجم عنها إحساس باهظ بالفقد والخسارة، فعلى سبيل المثال قد نجد امرأة تسعى إلى اقامة علاقات برجال يجدون في التعبير عن مشاعرهم لها أمراً في غاية الصعوبة، لكن شعورها الدائم بالرغبة في فهم مشاعرهم على حقيقتها هو الذي يجعلها تستمر في مثل هذه العلاقات ولا ترغب في إنهائها.

في كتابها "غير حياتك في سبعة أيام" تقدم الدكتورة ألين ماليان، اقتراحا لوقف ذلك الفيضان من الاشتياق عند الكثيرين منا، فهي ترى أن الحل يكمن في أن يقوم الإنسان بتحديد قيمه وثوابته طبقاً لأولوياته عن طريق إعداد قائمة يدون فيها أكثر عشرة أشياء يريدها ويرغب فيها في الحياة ومن بين تلك الرغبات قد يكون الحب والأمان والصحة والمال والنجاح والسعادة والاستقلالية، وتنصح الدكتورة ألين، بضرورة أن يستخدم الإنسان رغباته ويوظفها في تحديد أهدافه.

فعلى سبيل المثال إذا أراد الإنسان السعادة أكثر من أي شيء آخر فعليه أن يعرف ما إذا كانت علاقة حب ناجحة ستشعره بالسعادة أم أن السعادة عنده في الحصول على ترقية أو شراء شقة أكبر أو استحواذه على رصيد كبير بالبنك، بعد ذلك على الإنسان أن يتوجه بكل طاقته إلى تحقيق أهدافه.

إن قيام الإنسان بتحديد قيمه وثوابته التي لا يستطيع أن يحيد عنها ثم تحديد أهدافه طبقاً لأولياته ثم العمل على تحقيقها سوف ينجم عنه انحسار ذلك الشعور المؤلم بالاشتياق وعدم القناعة، وذلك لأن تحقيق الأهداف يشعر الإنسان بالاكتفاء ويجعل شعوره بالرغبة في شيء آخر وبالاشتياق إلى ما ليس في متناول يده مجرد خاطر دائر يمر مروراً عابراً ولا يبقي كضيف ثقيل.