عنف الجزائر... من جديد

TT

كثيرون ظنوا ان الجزائر استفاقت من عبثية العنف الفظيع الذي رزحت تحته طويلاً.

كثيرون تصوروا ان الدروس المؤلمة استوعبها الجميع، ولذا هبت الغالبية الساحقة من ابناء الشعب الجزائري، لتأييد العودة الى الحياة المدنية، من قناة الشرعية الانتخابية.

كثيرون اعتقدوا، وبحماس، ان عقلاء الجزائر ادركوا كم خسر الوطن من ذلك النزيف المجنون، وذلك الإصرار المختل على تدمير الذات والقضاء قضاء مبرماً على اي بارقة امل في توفير الامن لمواطن في جو من التسامح الحضاري والاخوي الذي يسمو على تناقض التفاسير في معجم السياسة. ولكن يبدو ان هناك اصابع وعقولا ما زالت مصرة على تكبيل الجزائر وحرمانها من معاودة النهوض على قدميها، للعب الدور المؤهلة للعبه في مختلف الاصعدة. والظاهر ايضاً ان مرتكبي المجازر الاخيرة يراهنون على شيء ما بعدما احسوا بمعطيات معينة. فكيف تفلت الامور فجأة من زمامها بالشكل الذي رأينا خلال الايام القليلة الماضية، ولا يكون ثمة شيء «يطبخ» لاستقرار الجزائر في الخفاء؟

هل الهدف يا ترى نسف مصداقية البديل السياسي الحالي؟ ربما.. تشعر بعض الاوساط ان القيادة الحالية استنزفت مصداقيتها، وبات من المسموح به التفتيش عن بديل جديد.

وهل هناك جهات تراهن على ان المجتمع سيرضخ في نهاية المطاف للابتزاز الامني فيرضى بشخصيات وطروحات لا يمكن ان يرضى بها الا في ظل الاضطرار او «ظروف الطوارئ»؟ ربما تكون الاجابة بالايجاب، مع انه آن لهؤلاء ان يدركوا ان الدخول في نفق الهدم والمجازر اسهل بكثير من الخروج منه، وقد جربت الجزائر هذا الدرب الخطير من قبل ودفعت من فلذات اكبادها وسمعتها الدولية وعافيتها الاقتصادية ثمناً باهظاً جداً.. فلم التجربة مرة اخرى؟

ان احداً لن يسامح اولئك الذين يلطخون ايديهم اليوم بدماء الابرياء، ولكن الكرة الآن في ملعب اهل السلطة ورعاة الامن والمواطن اليقظ. وتضامن هذا «المثلث» وحذره وحدهما كفيلان بإغلاق باب الفتنة وفضح منفذيها والمتاجرين بها. وهذا التضامن وهذا الحذر مطلوبان الآن... اكثر من اي وقت مضى، قبل ان يتحول الرذاذ الى سيل عرم... لا قدّر الله.