هل كنا أفضل بلا 11/9

TT

هل كنا بخير لو لم تقع احداث ذلك الصباح المشؤوم؟ لست متأكدا.

نعم كانت جريمة كبيرة في حق الاميركيين، وفي حقنا أيضا، انما اوقفت مدا خطيرا كان ينوي تحويل المنطقة الاسلامية، والعربية تحديدا، الى كابل وتورا بورا أخرى. 11 سبتمبر اخرى كانت ستحدث بشكل أكبر وفي منطقتنا، لا في نيويورك وواشنطن.

ولو لم تتول تلك القوة الضاربة تأديب تنظيم «القاعدة» لكان التنظيم قد ادمى المنطقة واصابت اهدافه قلب العالم العربي والاسلامي الذي يعتبره كافرا ايضا ويدعو لخلع حكوماته. ولا ننسى انه هو الذي قص شريط جرائمه أولا في وسط الرياض، قبل ثلاث سنوات تقريبا من 11/.9

لنع ان ما فعلته اميركا في اسبوع بالقضاء على طالبان وبعثرة «القاعدة» كان سيستغرق من دولنا سنوات، وربما تفشل في تحقيق نفس النتيجة، بدليل ان ايران عجزت عن تأديب طالبان يوم قامت بقتل دبلوماسييها على الحدود، فآثرت طهران السلامة على التورط في حرب في افغانستان.

في نظري ان الجناح العسكري لـ«القاعدة» ليس الاكثر خطرا مع انه هو الذي يحظى بالمتابعة والاهتمام. الاخطر مشروعها الكبير، زراعتها ثقافة العنف والكراهية، وقدرتها على تخريب هياكل المجتمعات الاسلامية من مؤسسات خيرية وتعليمية واعلامية. 11 سبتمبر هي التي دفعت الحكومات الاسلامية في ماليزيا واندونيسيا وباكستان وبنغلاديش والسعودية واليمن وغيرها، الى الانتباه وانقاذ مسلميها من الخطر المقبل.

احداث صباح الحادي عشر اوقفت مشروعا اكثر خطورة على المسلمين، مشروع تحويل المسلمين الى طوابير عسكرية تؤمن بمحاربة العالم، وهو التفكير العقيم الذي ينظر الى عجز المسلمين فلا يرى حلا له إلا بهدم الدول الأخرى. ان مشروع تطوير المجتمع الاسلامي ثقافيا ومؤسساتيا ودفعه نحو الخلاص من الفقر والتخلف والحروب المستمرة لا يحتاج الى بنادق وانتحاريين، فما اكثر البنادق وما ارخص الانتحاريين في عالمنا، بل يحتاج الى تطوير المجتمع مدنيا وسلميا، ومحاربة مظاهر التخلف.

لن نفهم اننا مهما اختلفنا مع الاميركيين على قضايا كثيرة فاننا واياهم نشترك في كوننا ضحايا لجريمة الحادي عشر من سبتمبر. «القاعدة» ارادت، وهي محقة في هدفها، تخريب علاقة المسلمين بدولة مهمة اسمها اميركا، شعبا ومؤسسات. فهذه الدولة رغم النقمة المستمرة ضدها في المشكل الفلسطيني الا انها تمثل البديل الأفضل مقارنة ببقية الدول الصناعية الكبرى، كونها القارة التي فتحت ابوابها للمهاجرين من كل اجناس العالم، بمن فيهم العرب والمسلمون عموما، وافسحت فرص النجاح لمن يريد العمل على ارضها بغض النظر عن دينه وجنسه.

11 سبتمبر كان مشروع تخريب العلاقة المتاحة والممكنة مستقبلا، لكنه مشروع ارتد على التنظيم نفسه فصار عرضة للتمزيق في كل انحاء العالم، بما فيه الاسلامي.