العالم ليس للبيع

TT

فشل محادثات منظمة التجارة العالمية في كانكون بالمكسيك، لم يأت هذه المرة من المظاهرات والاحتجاجات والضغط الشعبي الممارس عليها من الخارج، بل من داخل المنظمة ومن بين اعضائها. فلقد كان واضحا منذ افتتاح هذه الدورة ان دول العالم الثالث النامية او في طريق النمو لن تتراجع عن مطلبها الاساسي وهو الغاء الدعم المباشر او غير المباشر الذي تقدمه الدول الغنية الاوروبية والاميركية لمزارعيها. وهو دعم يسمح لهم ببيع منتوجاتهم الزراعية بأسعار منخفضة، لا يستطيع مزارعو الدول النامية، في آسيا وافريقيا واميركا الجنوبية، مضاربتها وبالتالي تصدير منتوجاتهم. ولم يكن من السهل على الدول الاوروبية والاميركية الغنية الموافقة على الغاء الدعم للمزارعين. ولم تنجح محاولة اقتراح حل ثالث في سد هذه الفجوة الواسعة بين الموقفين، بل جوبهت بتحفظات ورفض من الجانبين. فممثلو الدول النامية اعتبروا التسوية غير كافية والدول الغنية اعتبرتها متشددة بحق مصالحها.

انها ليست المرة الاولى التي تصطدم منظمة التجارة العالمية بهذا الجدار الذي يعطل او يؤخر انطلاقها. فالدول الغنية تطالب دول العالم الثالث بعدد من الاصلاحات التي تجدها هذه الدول صعبة. وهي بدورها تطالب الدول الغنية بتسهيل دخول انتاجها الزراعي، وهو الاهم لديها، اليها. والى ان تحل هذه العقدة فان تحقيق منظمة التجارة العالمية لغاياتها سوف يتأخر.

ان انقسام العالم بين دول صناعية غنية واقعة في شمال الكرة الارضية، ودول فقيرة او نامية واقعة في جنوبه، ولد حربا باردة اقتصادية جديدة حلت محل الحرب الباردة السياسية السابقة بين الشرق والغرب. وبالرغم من كل الحجج التي تقدمها الدول الغنية، ولا سيما الولايات المتحدة، لاقناع دول العالم الثالث وشعوبها، بان فتح الحدود الاقتصادية وازالة الحواجز الوطنية من وجه التجارة العالمية، هما في مصلحة جميع الدول والشعوب، فان هاجس شعوب دول العالم الثالث في ان تؤدي هذه العولمة التجارية الى استغلال او استعمار اقتصادي غربي لها، ما زال قائما. ولعل الشعار الذي رفعه معارضو العولمة في مظاهراتهم في كانكون يصور حقيقة مشاعر تلك الشعوب، وهو ينقل عبارات احدى اغنيات «البيتلز»: «ان العالم ليس للبيع، لكي تكون راضيا، ياصديقي».