القادمون من الأمام!

TT

خمسون عاماً تقريباً تفصل بين نهاية الحرب العالمية الثانية وبين تاريخ سقوط وانهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991، هذا التاريخ الذي اصبح علامة فارقة في التغيير الذي حدث في المهام التي يقوم جهاز الاستخبارات الأمريكية عن المهام التي كان يقوم بها الجهاز بعد الحرب العالمية الثانية، وخلال الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي وبين حلف «وارسو» وحلف «الناتو».

في كتاب «الشركة» الذي صدر مؤخراً في الأسواق الأمريكية يرى مؤلفه الكاتب الصحافي الأمريكي روبرت ليتل، ان الخمسين عاماً الماضية قد غيرت كثيراً من سياسات جهاز الاستخبارات المركزية الأمريكية خاصة بعد الحرب الباردة حيث كان العدو الحقيقي والخطر للولايات المتحدة الأمريكية هو الدب الروسي، حيث كانت كل المعلومات عن العدو واضحة وشديدة الدقة. من ناحية أخرى، يشير المؤلف في كتابه إلى فترة التسعينات من القرن العشرين التي ظهر فيها العالم الإسلامي على السطح كمشكلة صعب للإدارة الأمريكية وجهاز الاستخبارات المركزية الأمريكية التعامل معها، وهي المشكلة التي تصاعد حجمها في اليوم الحادي عشر من سبتمبر (ايلول) 2001 وهو اليوم الذي تعرض فيه برجا مركزي التجارة العالمي في نيويورك ووزارة الدفاع الأمريكية في واشنطن إلى هجوم عنيف أصاب الهيبة الأمريكية في مقتل.

على الرغم من ان الكاتب روبرت ليتل لم يتناول بالتفاصيل في كتابه «حادث الحادي عشر من سبتمبر» إلا أن هذا لم يمنعه من التعليق قليلاً على بعض الأمور المعقدة والمتشابكة التي تتصل به، فهو يرى ان أصابع اللوم لا بد ان تتجه بقوة إلى جهاز الاستخبارات المركزية الأمريكية ورئيسه جورج تينت، لكنه من ناحية أخرى يرى الكاتب ان المشكلة التي تواجهها أمريكا اليوم معقدة، لأنه عندما يأتي لص من الخلف ومعه سلاح يهدد به للسرقة فهذا أمر طبيعي، لكن أن يأتي أحد ويطعنك في وجهك من دون أن يطلب شيئاً فهذا أمر غير طبيعي ويعد مشكلة حقيقية.

يحلل الكتاب مشكلة جهاز الاستخبارات المركزية الأمريكية «سي. اي . ايه» بأنه عندما لاح عدو لها جديد في الأفق متمثلاً في حركة «طالبان» لم يكن بالجهاز عميل واحد يتحدث لغة الباشتون التي يتحدث بها قطاع عريض من الأفغان، لذلك عندما أرادت الاستخبارات الأمريكية متابعة الأحداث هناك استأجرت عملاء من باكستان وكلفتهم بهذه المهمة. ويشير الكاتب إلى أن جهاز الاستخبارات المركزية الأمريكية استعاد الآن سلاحه القديم لتحقيق النجاح السريع وهو سلاح المال.

كانت ميزانية جهاز الاستخبارات المركزية الأمريكية في السابق 27 مليار دولار أمريكي، أما الآن فقد ارتفعت هذه الميزانية إلى 35 مليارا. كما ان الجهاز بدأ في تجنيد أي فرد يبدي استعداده للتعاون.

في اعتقاد الكاتب أن المشكلة الرئيسية التي تواجه الجهاز الآن هي «إيران» بالرغم من التفاؤل الذي يبديه فريق دونالد رامسفيلد بوزارة الدفاع الأمريكية. والمعروف ان مؤلف الكتاب روبرت ليتل بدأ حياته العملية مراسلاً للأخبار ثم بدأ بكتابة أكثر من رواية تدور موضوعاتها حول أعمال الجاسوسية، وتحقق رواياته أعلى نسبة مبيعات في الأسواق الأوروبية والأمريكية طبعاً.