اتشو: يرحمك الله

TT

السعال والعطاس مثل الرجل والمرأة. متلازمان ومتناقضان. تعتبر العطسة فعلا محمودا ومباركا. وتنتهي بابتسامة ظريفة من صاحبها. لا يلبث حتى يقول «الحمد لله». ونرد عليه فنقول «يرحمك الله». وهذه سنة. وهي ترجع الى الاعتقاد بأن الروح عندما دخلت في آدم عليه السلام عطس فقال الحمد لله. وردت عليه الملائكة «يرحمك الله». ولهذا فهي متبعة في أوروبا ايضا حيث يقولون God Bless You. ولكن القحة على عكس ذلك. لا نلقى من صاحبها غير الشتيمة. نحن في العراق نشتمها بالتركية: «قزل قرط».

بلغ قول الناس بالعطاس ان صاغوا حوله كثيرا من الطرائف. سمعت ان عريفا ايرانيا تولى حراسة بعض الأسرى العراقيين اثناء الحرب. وكان صارما جدا. حدث ان أحدهم كان مصابا بالزكام فعطس. التفت العريف الايراني وصاح بهم «كي عطسه كرد؟»، أي من عطس؟ فلم يجرؤ أحد على الاجابة. قال سأقتل واحدا منكم اذا لم يعترف العاطس. ولم يعترف فأطلق الرصاص على واحد منهم. بعد دقائق عاود الزكام صاحبنا فعطس. عاد الايراني صارخا، «كي عطسه كرد؟» لم يجب أحد فقتل أسيرا آخر. وتكررت العملية حتى قتل سبعة او ثمانية من العراقيين. اخيرا شعر العاطس بعذاب الضمير فقرر الاعتراف وليكن ما يكون. ما ان عطس مرة اخرى وسمع سؤال العريف «كي عطسة كرد؟» حتى تقدم الى الامام وقال: «أنا» فتقدم نحوه العريف. نظر في وجهه ثم قال: «يرحمك الله!».

نتيحة سعيدة. ولكن ليس الامر كذلك بالنسبة للسعال. فقد أودى بصاحبه مؤخرا عندما انتابه اثناء مسابقة «من يريد ان يكون مليونيرا». قال المتنافسون انه كان يعطي اشارات بسعاله الى أحد المتنافسين ليعطي الجواب الصحيح ويكسب الجائزة. اعتقلوه واحالوه للمحاكم بتهمة التزوير. وكله بسبب القحة الملعونة.

على غرار ما فعله العريف الايراني، انبرت صحيفة «الصن» البريطانية قبل سنوات فطرحت هذا السؤال بالحروف الكبيرة على صفحتها الأولى: «من عطس؟». والحكاية وراء هذا السؤال من هذه الصحيفة الذائعة الانتشار انه بينما كان بطل التنس البريطاني جرمي بيتس يسدد الضربة الحاسمة في مباراته ضد الفرنسي غاي فورجيه في سباقات ومبلدن للتنس، وكانت الكرة في الهواء وجرمي بيتس يرفع مضربه ليسدد الضربة الحاسمة، عطس أحد الحاضرين فأربك بيتس مما أدى الى خطئه في تسديد الضربة فخسر النقطة وبها خسر المباراة وخيب آمال بريطانيا.

وبعد ان اتضح ذلك، اصر محرر الصفحة الرياضية في جريدة «الصن» على ان يعرف من الذي عطس في تلك اللحظة الحرجة. قرأنا ذلك وتحيرنا في الموضوع فسألتني احدى صديقاتي وقالت: ولكن ما الذي يريد ان يفعله مراسل جريدة «الصن» معه اذا اكتشفت بالضبط الرجل الذي عطس؟ أجبتها قائلا:

ـ بكل بساطة، ليقول له: يرحمك الله!