تحسين صورة أميركا

TT

ستقوم الولايات المتحدة بوضع ميزانية اضافية وتعيين ثلاثمائة شخص يجيدون العربية للقيام بحملة لتحسين صورة الولايات المتحدة في العالم العربي، وهو تفكير ساذج واضاعة للوقت والمال في وقت تعلم فيه السياسة الاميركية الاسباب العميقة لانتشار الظاهرة السلبية تجاه الولايات المتحدة.

اميركا ليست متهمة، بل هي في الحقيقة متحيزة بشكل لا يسنده مبرر اخلاقي او انساني للسياسة الاسرائيلية، والعرب يدركون انه لولا الدعم اللامحدود واللامسؤول للولايات المتحدة لاسرائيل لما استطاع شارون ولا غير شارون الاستمرار في عملية الاستهانة بأبسط حقوق الانسان في الأراضي المحتلة.

الطريق الى قلوب العرب يمر عبر تل ابيب وليس عبر أية عاصمة عربية، فصورة واحدة لجندي اسرائيلي يقوم بمهمة الاهانة اليومية لأشخاص تحت الاحتلال، او صورة للجدار الذي تقيمه اسرائيل في الأراضي المحتلة بهدف فصل الفلسطينيين عن الفلسطينيين وليس فصلهم عن الاسرائيليين، وتصويت واحد في مجلس الأمن او استخدام الفيتو ضد قضية عادلة وضد استهتار اسرائيلي واضح، نقول ان واحداً من هذه الأمثلة كاف لتخريب كل ما ستقوم به اميركا لتحسين صورتها.

الغريب انه ليس بين العرب واميركا تاريخ استعماري، بل العكس، فاذا كانت فرنسا وبريطانيا قد احتلتا الأراضي العربية فان الموقف الاميركي من العرب كان ايجابيا، وحدث اكثر من مرة ان التقت مصالح اميركا بالعرب، حدث هذا مع مصر في 1956، ومع السعودية لسنوات طويلة، وكذلك مع الأردن والمغرب وغيره، وحدث ذلك مع الكويت في 1990، وتلتقي اليوم مصلحة الاميركان بمصالح العراقيين في لحظة نادرة، ولكن كل ذلك لا يشفع لاميركا موقفها المنحاز واللااخلاقي من القضية الفلسطينية.

كان الموقف الفلسطيني مشيناً من احتلال الكويت ومع ذلك ظلت القضية الفلسطينية اساسية عند الكويتيين، وكان الموقف الفلسطيني داعما لنظام صدام حسين ومع ذلك يتبرأ العراقيون اليوم من تهمة اقامة علاقات مع اسرائيل، وحدث ما حدث في الأردن في 1970 ومع ذلك ظلت القضية الفلسطينية قضية اساسية في الأردن. فهناك ظلم تاريخي واضح واراض محتلة واستهتار بالقانون الدولي مع صمت اميركي رهيب، وهو سر اسرار مشكلة اميركا مع العرب.