صباح الفرح أيها العالم

TT

صباح الحبق والخزامى لعالم من الأمل والياسمين والمفاجآت الحلوة التي تنتظر أصحابها على كل ناصية.

يوم جديد وسنة جديدة وقرن جديد وألفية جديدة وكلها دعوات مفتوحة لتنفض عنك غبار الغم وكساح الكآبة، وتهرع لعناق كون مليء بالسحر الحلال وفيه لكل مجتهد نصيب، ولكل حالم واحة من النعماء والجاذبية.

والحلم لا يعني الكسل ولا التثاؤب بانتظار ما يأتي ولا يأتي، فخلف كل حلم حقيقي نبع من الطاقة الخفية على مقاس ما يكفي للوصول إليه، فإن تتأخر عن معانقة حلمك بما يليق به في محطة وصوله فهذا يعني أنك تطلق النار على ساقيك بنفسك وتقص اجنحتك باختيارك وتسمح لدوامة العجز ان تبتلعك وأنت القادر عملياً ونظرياً على تبديدها واقتلاعها.

احلم ثم احلم ودع بين الحلمين مساحة لحلم ثالث ورابع وسابع، فالحلم أريج هارب من جنة المستقبل وبوصلة تقودك الى بوابتها.

لا تضع وقتك في التعمق في فلسفة شح نفسي يتسربل باللاجدوى ويتدثر بثياب القناعة، ولا تصدق من يدعوك الى الإقامة الدائمة في اكاديمية «ليس بالإمكان أفضل مما كان» ولا من يخدعك ويقدم لك دليل اقصر الطرق للاقتصاد في الأحلام، فمن طبيعة الحلم أن يكون رحباً وفسيحاً وشاسعاً ومن طبيعته ايضاً أن يتحقق جزئياً أو كلياً ليعبد طرق المخيلة أمام أحلام أخرى.

الدنيا تدعوك لعرسها هذا الصباح وكل صباح، فإن لم يكن الزهد طبيعة فيك ولم تستجب، فلا بد ان تبحث عن الأسباب التي أعادتك وأنت المنطلق كالريح الى صفوف «القعدة» وسوف تجد بعد تدقيق أنها جميعاً من الأسباب والعوائق التي يمكن الانتصار عليها وتجاوزها.

لانكسارات القلوب مشافيها وللعلم طرقه وللمزيد من المال والنجاح دروب معروفة وموصوفة. لكن ماذا عن تلك المهام السامية النبيلة التي تقوم بها من أجل الآخرين، وأنت تظن ان نفسك لا تحصل على قسط منها..؟

يا صاح هذه أكبر الخدع فبالخير والأريحية والكرم والعطاء بكل انواعه، أنت تعالج نفسك قبل أن تقيل عثرات الآخرين وتثبت لها قبل أي كائن آخر أنك لا تفكر بها كجزيرة أنانية معزولة عما حولها، انما كقارب مهمته التواصل ودوره ان يقرب الضفاف ويسرح بينها مستمتعاً بكون لا يكتمل جماله إلا بالتعاطف والتآلف والمودة.

وخلال هذه الرحلة بين الضفاف سوف يستمتع قارب نفسك بكل ما حوله وسوف يحتفي بنفسه فرداً شديد الخصوصية وكائناً اجتماعياً له مهمة ودور وليس بين الدورين أي تناقض، فحتى الأنبياء بكل ثقلهم من جلائل الأعمال وجدوا الوقت ليحبوا ويتزوجوا وينجبوا ويتعلموا ويعلموا ويستمتعوا ببهاء كون ارادوه جميعاً واحة سعادة وسلام.

ولا بد ان تكون قد انتهيت امس من جلسة الحساب مع الذات، فما رأيك ان تحررها اليوم من المحاكمات، وتطلقها جذلة، حرة، دافئة، متحمسة لتعانق قدرها فاتنة ومفتونة ولتحقق احلامها وأمانيها وتقول مع جميع الكائنات صباح الفرح ايها الدنيا.

لقد خلقت الأماني لتتحقق والأحلام لتنجز، وأنت على هذه وتلك ـ بعون الله ـ قادر وكل ما هو مطلوب منك على هذا الدرب الجميل ان تقفل خزانة التشاؤم وتتوقف عن الاقتراض من بنك الإحباط وأن تتذكر دائماً وكلما ادلهمت حولك واظلمت ان لكل ليل نهاية وأنك على موعد دائم مع غد تغسل مياه أفراحه أحزان الأمس، فخلف كل وردة تذبل أو أمنية تذوي برعم يجدد حلم النماء، ويحافظ على بهاء يخضور النضارة.