اقتراب الحل القطري ـ البحريني

TT

شدوا الأحزمة، مع ان البحرين لا تبعد عن قطر الا مسافة خمس دقائق بالطائرة يضاف لها زمن الاقلاع والهبوط، لكن الفارق السياسي يبدو احيانا كأنه ابعد بسنوات لا دقائق فقط. ورافق الخلاف، او الخلافات، بين الجارتين مسيرة مجلس التعاون، اي ان عمرها من عمر المجلس ويربو على عشرين عاما مما اصاب الجميع بالانزعاج والأسف، وهذا ما يدفع الكثيرين الى الاستغراب من عجز المجلس عن حل مشكلة جزر مائية صغيرة واميال محدودة. لكن المشكلة تكون عادة اصعب عندما تكون المساحات أصغر، فالسعودية واليمن حلا أكثر من الف كيلومتر من الأراضي المتنازع عليها وكانا قادرين على نسيان المشكلة مائة سنة أخرى. لكن الواجهة البحرية لأكبر البلدين، وهي قطر، لا تتجاوز الستمائة كيلومتر، وبالتالي فالمسافة تبدو لنا صغيرة وهي بالنسبة لهم كبيرة. الخلاف هو على ارخبيل جزر يختفي في وقت المد ويسير الناس عليه في وقت الجزر وله اهمية اكثر من مجرد امتداد بحري. له قيمة اقتصادية وسياسية وتاريخية وحتى له اعتبار وطني وشخصي، فكل هذه المبررات موجودة وتفعل فعلها في جعل اي حل امرا صعبا ومعقدا. وينتظر ان يحسم الخلاف دوليا خلال ايام قليلة قادمة، لهذا اقول شدوا الاحزمة للعاصفة المقبلة. فهي قضية معقدة والقضايا المعقدة والمستمرة في آن، من السهل التعامل معها من خلال حصرها وديا او قانونيا، مثل الخلاف بين روسيا واليابان حيث ظل نزاع البلدين على جزر استراتيجية خمسين عاما وترك للوقت المناسب عندما يتوصل الطرفان الى حل ولم يكن قط محل نزاع سياسي. وهذا هو العرف تجاه الكثير من القضايا الثابتة بعكس الخلافات على مسائل متغيرة وآنية مثل تمويل ارهاب او احتلال عسكري او نحوه، فهذه عادة تتطلب سرعة النقاش وسرعة البحث عن حل ولو كان عسكريا احيانا. ومناسبة الحديث عن الخلاف بين قطر والبحرين اولا قرب موعد الحسم الذي نرجو ان يكون نهائيا وان يرضى به الطرفان حتى لو اعتبره احدهما ينتقص من حقه، فاستمرار الخلاف يأكل اكثر مما يوفر في نهاية المطاف. والمناسبة الثانية التي لا بد ان نشيد بها هي حضور امير قطر الى قمة مجلس التعاون السنوية التي استضافتها البحرين هذا الاسبوع، فكان حضوره مفاجئا للجميع بعد ان ظنوا ان قطر ستتغيب على مستوى اميرها ردا على تغيب امير البحرين عن حضور القمة الاسلامية الأخيرة في الدوحة. وهي بذلك تعبر عن روح ايجابية قادرة على التحرك سريعا وقادرة على ان تتخلص من شكليات تبدو لنا احيانا مسائل مهمة. ومع اقتراب نهاية ازمة الجزر وبعد اختتام قمة مجلس التعاون بحضور الطرفين نعتقد اننا نقترب من نزع شوكة مزعجة في خاصرة المنطقة العربية دائما كان ينظر اليها باستخفاف في حين ان اهلها يدركون انها اكبر من أن تهمل الى الابد، ولحسن الحظ انها توشك ان تنتهي.