الهند.. إضاعة الفرص

TT

ليتنا نقرأ هذا التطور السريع للعلاقات الاسرائيلية ـ الهندية بعين الناقد والمتُبصر. فاسرائيل قامت، وبدون ضجيج، بفتح العلاقات مع الهند على مصراعيها، وكانت زيارة شارون الى نيودلهي محددة وذات اهداف مدروسة مسبقاً وانتهت بتوقيع اتفاقيات كثيرة، وكان آخر نتائجها ان دفعت الهند مليار دولار لاسرائيل لبيعها انظمة رادار متقدمة.

كتبنا وكتب غيرنا عن ضرورة التحرك العربي مع الهند، واتذكر ان نخبة من المثقفين والاكاديميين الخليجيين الذين يعملون في «منتدى التنمية الخليجي»، عقدوا مؤتمراً قبل سنتين في البحرين، وكان احد محاور اللقاء اهمية الهند بالنسبة لدول الخليج والدعوة للتحرك السريع لاقامة علاقات قوية مع هذه الدولة التي هي جار مباشر لدول مجلس التعاون.

الهند واحدة من اهم دول آسيا، فهي صديقة قديمة للعرب، والعلاقات التجارية بين بعض دول مجلس التعاون والهند تمتد الى مئات السنوات، وهناك عائلات تجارية خليجية وخاصة من الكويت والسعودية، ما زالت تعيش في تلك البلاد، وهناك جالية هندية كبيرة ومؤثرة في عدد من دول مجلس التعاون، وهناك توتر بين الهند وباكستان لا يمكن الا ان يؤثر في علاقات الهند مع دول مجلس التعاون. والدول المتقدمة ادركت اهمية الهند وخاصة مع ثورة المعلومات والاتصالات التي تنمو بسرعة في الولايات الهندية والتي جعلت دولة مثل الولايات المتحدة تحرص ومن خلال زيارة الرئيس السابق كلينتون للهند، للحصول على مئة الف فني هندي في مجال الكومبيوتر.

ليس من حق احد ان ينتقد الهند على موقفها من اسرائيل، فنحن نمارس اللامبالاة ونتفرج على العالم وهو يفكر بمصالحه، ونتفرج على اسرائيل وهي تخطط وتنفذ لاختراق كل شيء، ودائما لا نتحرك الا اذا وقعت الفأس بالرأس ولا نتحرك الا في الازمات وبردود فعل انفعالية لا قيمة لها.

لقد رتبت اسرائيل امورها مع تركيا ومع القرن الافريقي ومع الهند بينما نحن نتفرج، واهملنا دولة بحجم وأهمية الهند رغم الامكانيات الكبيرة للاستثمار، ورغم التاريخ المشترك بيننا وبين تلك القارة العملاقة. والغريب ان العالم كله منشغل بترتيب مصالحه بينما نحن نمارس فن اضاعة الفرص بجدارة.