استنفار دبلوماسي سوري

TT

لأننا لا نريد سوى الخير لبلد مثل سورية فان المثل العربي الذي يقول صديقك من صدقك لا من صدّقك هو أقرب الامثلة التي تصدق على سورية هذه الأيام، وخاصة ان دمشق عليها ان ترفع شعاراً في كل ميادينها العامة تقول فيه «اللهم احمني من اصدقائي، أما اعدائي فانا كفيل بهم» وذلك من كثرة ما نسمع من خطابات الحماس التي يوجهها البعض الى دمشق وهي خطابات ثبت فشلها في مناسبات كثيرة.

سورية اعلنت على لسان رئيس هيئة الاركان السورية حالة الاستنفار في دفاعاتها الجوية، وهو امر ضروري، بل ان هذا الامر لا يحتاج لتطبيقه الى مناسبات، فسورية مستهدفة واراضيها محتلة، ولكن ما نتمناه هو ان تعلن سورية حالة الاستنفار في وزارة خارجيتها وليس فقط في وزارة دفاعها، فاللغة السورية الدبلوماسية ما زالت لغة خطابة تستخدم المدفعية اللفظية الثقيلة ولكنها تفتقد الى اللغة المحددة البعيدة عن العواطف، الواعية لطبيعة التغييرات السياسية الهائلة في الشرق الأوسط وخاصة بعد سقوط نظام صدام حسين.

هناك في واشنطن من لا يرون أبعد من انوف مصالحهم، وخاصة اولئك الذين تحركهم مصالح اسرائيل وليس مصالح اميركا في الادارة الاميركية وفي الكونغرس ووزارة الدفاع، وهؤلاء لا فرق بينهم وبين شارون في عدائهم لسورية ولغير سورية، وهؤلاء بالتأكيد فرحون مستبشرون من بعض التعاطي السوري العاطفي واحيانا غير المنطقي مع قضايا محددة واستحقاقات محددة تتعلق بالاوضاع في الاراضي الفلسطينية المحتلة والاوضاع تحديداً في لبنان والعراق.

سياسة سورية الخارجية ما زالت لغة دفاعية في وقت يجب ان تكون فيه لغة هجومية ولا نقصد الهجوم اللفظي والكلام الكبير الذي لا طائل منه، بل نقصد الهجوم الدبلوماسي والتحرك على كل صعيد لايصال الرسائل واستقبالها بسلاسة وعبر اصدقاء ووسطاء ديناميكيين. واميركا لها مئات الآلاف في العراق، وسيكون اسهل طريقة يقوم بها الصهاينة هي الحديث عن دور سوري في العراق وعن تسلل عناصر معينة وعن تعاطف بعض الدوائر معهم، وهو امر يجب ان تنفيه سورية بالافعال وبالمراقبة الدقيقة للموقف وليس بالاقوال، وسورية يجب ان تفكر في مصالحها الوطنية عند الحديث عن الصراع العربي الاسرائيلي، ولا نعني التخلي عن الدور القومي ولكن المطلوب هو التوقف عن الاستجابة للمزايدين في الساحة الفلسطينية وغير الفلسطينية.

الايام القادمة حبلى والعاقل من يتعظ بما يدور حوله، والسياسة السورية الخارجية تحتاج الى خضة، بل خضة كبيرة لتكون منسجمة مع ما تخفيه الايام في هذه الظروف العصيبة والعصبّية!.