صرخة تركمانية.. أين هي الديمقراطية الحقيقية بالعراق؟

TT

لقد حرم التركمان من أبسط الحقوق ألا وهي حق التمثيل الحقيقيي في مجلس الحكم الانتقالي في العراق. فبينما استبعدت الجبهة التركمانية العراقية والاتحاد الاسلامي لتركمان العراق والشخصيات السياسية التركمانية، ضم المجلس قادة معظم الاحزاب العراقية التي كانت تتشكل منها المعارضة العراقية سابقا بالرغم من مشاركة القوى السياسية التركمانية، جنبا الى جنب مع باقي فصائل المعارضة العراقية في جميع اجتماعاتها وندواتها المنعقدة خارج العراق وداخله ولسنوات طويلة.

لقد كان على العراقيين جميعا التأمل والتفكير في ايجاد السبل المناسبة لاٍيجاد الديمقراطية الحقيقية والتي حرم منها الشعب العراقي خلال فترات حكم النظام البائد ومن ثم العمل بها وتطبيقها على أسس سليمة. واذا كنا لا نفهم معنى كلمة الديمقراطية ومغزاها الحقيقي وهذا مما يزيد الطين بلة، فان العمل بها سيواجه صعوبات جمة ستعيق تقدم المسيرة الجماهيرية وتأسيس حكومة عراقية وطنية ضمن الاعراف الدولية تشارك فيها جميع الاطراف العراقية بصورة عادلة من دون الاعتداء على حقوق الآخرين في العراق الجريح ما بعد التاسع من نيسان عام 2003 .

ولربما يجول في خاطر بعض العراقيين أن الذين هربوا من العراق قد نجوا بأنفسهم وتركوا اخوانا لهم في السجن المفتوح في العراق. ورغم أنني اشاطرهم جزئيا إلا أنني أذكر بأن أكثر المغتربين عانوا من ضنك العيش وعدم الامان الى أن وصلوا الى نقطة بداية النهاية. كما أن الكثير من العراقيين تعرضوا لأبشع المعاملات في السجون والمعتقلات في بعض الدول التي لجأوا اليها أو استخدموها كمعبر. ومما يزيد أيضا من مآسي المغتربين النسوة والاطفال والشيوخ الذين غرقوا في البحار والمحيطات، ناهيك من آلام الغربة القاتلة والعيش بدون أمل لرؤية الوطن والاهل والاصدقاء مرة ثانية. وكان التركمان من بين هؤلاء حيث تشردت آلاف العوائل التركمانية، وعانى ابناؤها الكثير أسوة بأخوتهم العراقيين، وهل نسينا عدد ضحايانا الذين غرقوا في بحر ايجة؟ وهل نسينا آلاف العوائل التركمانية التي تركت العراق الى مخيمات اليونان وشوارع أثينا؟

لقد زادت فرحة التركمان بسماع كلمة الديمقراطية عند سقوط النظام البائد، كما فرحوا بها في ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958، وكانت فاتورة الفرحة آنذاك ثقيلة حيث قدم التركمان نحو مئة شهيد وجريح من خيرة شبابهم وقادتهم لمشاركتهم في خطوات الديمقراطية الاولى في العراق. أليس من الحق الطبيعي للتركمان أن يحتفلوا؟ وهل كتب عليهم القتل والسحل وانتهاك حقوقهم المشروعة في الوطن الذي ضحوا من أجله وقدموا الغالي والنفيس في الذود عن شرفه؟ ولماذا هذا السكوت الرهيب عن الحق وعدم السماح للتركمان بالمشاركة في حكم وادارة بلادهم؟ الجواب عن هذه الاسئلة يتجلى من خلال الاجتماعات التي جرت قبل سقوط النظام في العراق حيث كان على التركمان إدراك حقيقة الأمر بأنهم مستبعدون من تقسيم الكعكة العراقية التي لم تقسم بالحق والقسطاص المستقيم.

اٍن تغييب الاصوت التركمانية من مجلس الحكم الانتقالي لن يخدم مصلحة العراق، حيث حرموا من التمثيل الحقيقي والشرعي في هذا المجلس، كما حرم التركمان أيضا من التمثيل الوزاري المناسب في العراق حسب تعدادهم السكاني. واذا كانت الادعاءات الباطلة توحي بأن نسبة التمثيل في هذا المجلس جرت حسب الاحصاء السكاني في العراق، فأين الاحصاء الحقيقي الذي يمكن الاعتماد عليه في حسم المسألة ما عدا احصاء 1957؟ ولماذا لم يعمل به؟ ولماذا ينكر المجلس وجود التركمان كقومية ثالثة في العراق وعددهم أكثر من ثلاثة ملايين نسمة ويمثلون حوالي %13من الشعب العراقي حيث أن عدد التركمان في قضاء تلعفر وحدها مع القرى المحيطة بها يتجاوز اكثر من مليون تركماني. ولماذا هذا الاجحاف بحق التركمان في العراق؟ والى متى سيحرم التركمان من حقوقهم؟ ومتى ستطبق الديمقراطية الحقيقية في العراق؟

ألم يحن الوقت لمجلس الحكم الانتقالي أن يعيد النظر في هذه المسألة الضرورية والحساسة في هذه الظروف الحرجة التي يمر بها العراق؟ وأن يصغي الى أصوات التركمان الذين يطالبون بالعيش الحر ضمن العراق الموحد والعمل معا من أجل خدمته؟ لقد آن الأوان لاقامة التعداد السكاني في العراق تحت مراقبة لجان مختصة من قبل هيئة الامم المتحدة، وذلك لكشف النسبة الحقيقية للتركمان، ولإظهار مدى ثقلهم السياسي ومدى تأثيرهم في ادارة البلاد التي ورثوها عن أجدادهم الذين لعبوا دورا حقيقيا في تاريخها.