من وحي العيد

TT

بين ما تسلمته من بطاقات المعايدة والتهاني بمناسبة عيد الفطر، كانت هذه الرسالة الرقيقة من الشيخ ضياء الدين العربي النقشبندي يقول فيها ويضمنها الابيات التالية:

... واليك يا صاحب الزاوية الناجحة والقلم الرشيق، ما انا قائل:

هاك السلام من «الفرات» أزفه عبر «الرياض» مقارنا مرقاكا ولكل فرد عندكم من داركم ولكل محبوب اللقاء اتاكا ولكل فرد في «العراق» تخاله يهدي الورود مع السلام دراكا فاقبل تحيات «الضياء» بشعره ومع المحبة شوقه اهداكا تحياتك يا عزيزي الشيخ ضياء النقشبندي لا اقبلها وحسب بل واحتضنها واعزها. واضم أملي الى املك عسى ان يجمعنا الله عز وجل في اجل قريب ليلتقي ابن الفرات من دير الزور بابن دجلة من بلد الرشيد كما التقى النهران في شط العرب.

صديقي اسماعيل حمدي، بعث لي ببطاقة من اسبانيا حيث يقضي عطلته تحت شمس الاندلس. ويظهر ان عمال الكراجات الاسبانية قد هدوا ومزقوا اعصابه فبعث لي بهذه الحكمة الرائجة عندهم: كيف تكون الجنة؟ تلمسها عندما يكون الشرطي انكليزيا، والطباخ اسبانيا، ومصلح السيارات المانيا، والعاشق ايطاليا والتنظيم بيد سويسري. وكيف يكون الجحيم؟ ستلمس الجحيم عندما يكون الطباخ انكليزيا، ومصلح السيارات اسبانيا، والشرطي المانيا، والعاشق سويسري، والتنظيم بيد ايطالي! وقد اعذر من انذر! يظهر ان الشيخ النقشبندي من المؤمنين بأن الشعر هو مفتاح القلب العربي. الاخ اسماعيل حمدي رأى المفتاح في الفكاهة، على الاقل بالنسبة لخالد القشطيني ـ اما الاخت دنيا الخالدي، فركنت وتمسكت بحكمة المرأة: المفتاح لقلوب الرجال موجود في معدتهم! فجاءتني بمناسبة العيد بسلة من التمر البرحي العراقي الطري. لا ادري لمن اعطي الجائزة في هذه المفاضلة.

بيد انني ربما اعطي الجائزة في الاخير لصبية قشطينية من اقاربي. بعثت تهنئ عمها فأرسلت له بطاقة مزينة بالاوراد والشرائط البنفسجية الجميلة وعبارة باللغة الانكليزية تقول «تهانينا وتمنياتنا بعرسك الميمون». الفكرة جميلة لولا ان عرسي قد مضى عليه نحو ثلاثين عاما. البطاقة متأخرة نوعاً ما. ولكنني اقدر عواطف ابنتنا الصبية. فهذه البطاقة هي كل ما استطاعت ان تحصل عليه في بغداد تحت وطأة الحصار. والاعمال بالنيات، وكل ما هو مكور ومدعبل عند المعيدي جوز. وكل الاعياد عند العراقيين، نفس الشي. كلها نكد ووجع دماغ.