وعدنا الرئيس الأميركي بالسلام!

TT

قال الرئيس الاميركي جورج دبليو بوش انه سيخوض حملة اعادة انتخابه السنة المقبلة انطلاقا من شعار ان السلام في العالم صار افضل وأكثر استتبابا تحت قيادته! في الحقيقة نرجو ان نصل الى العام المقبل ويكون العالم قد بدأ فعلا يشعر بالسلام الذي يشعر به أو يتطلع اليه الرئيس الاميركي.

لكن، انطلاقا من الواقع على الارض، خصوصا حيث يتم قياس ميزان السلام، اي العراق وبعده افغانستان، حيث القوات الاميركية منتشرة، يصعب علينا رفع سقف آمالنا. اذ منذ الاحد الماضي والعمليات ضد الاميركيين في العراق وافغانستان تتزايد بتنسيق لافت، ولا بد من التركيز على العراق والارتباك في التصريحات التي أغدقها علينا كبار الضباط الاميركيين، اذ قال المسؤول العسكري عن العراق الجنرال سانشيز ان تنسيقا مبرمجا بدأ ما بين بقايا النظام العراقي السابق واعضاء القاعدة اسفر عن عمليات مشتركة كالتي رأيناها، ولم يقل سانشيز، بعدما فك هذه «الاحجية»، كيف سيواجه هذا التطور ويفككه.

من المؤكد ان الذين يقومون بهذه العمليات لا يتعرضون حتى الآن للصد من القوات الاميركية التي تملك القوة العسكرية والسيطرة، لكنها مشغولة في حماية نفسها قدر المستطاع، لهذا اظهرت العمليات المتتالية ان المقاومين لم يتم احتواؤهم عبر القوة الاميركية، ثم ان تركيزهم على القيام بعمليات ضد العراقيين الذين يتعاونون مع قوات التحالف، كمراكز الشرطة، يهدف الى تخويف العراقيين، خصوصا الفئة التي سيبرز منها الجيش العراقي الجديد، كما ان المقاومين، كما يبدو، يريدون اجبار كل المنظمات الانسانية غير الحكومية، كمنظمة الصليب الاحمر، وسابقا الامم المتحدة، على مغادرة العراق، اعتقادا منهم انهم بذلك يعزلون الاميركيين ويجبرونهم على الدفاع أو.. المغادرة!

ان تصريح سانشيز يوحي وكأن هذه المقاومة لن تتعب وان اعضاء من القاعدة سيظلون ينضمون اليها ويغذونها، وهذا يعني ان القوة الاميركية في العراق تواجه مشكلة وبالتالي لا يمكنها القضاء على هذه العمليات الا اذا أوجدت نظاما صارماً لمراقبة الحدود العراقية ومنعت التسلل الى العراق. ومنع التسلل في الحالات العسكرية عملية معقدة لا بد ان الاميركيين قادرون على تنفيذها، الا اذا كانوا يفكرون بضرب مواقع خارج العراق، وهذا لن يخدم شعار السلام الذي سينطلق منه الرئيس الاميركي في حملة اعادة انتخابه.

الارتباك الآخر الذي اربكنا كان ما عبر عنه الجنرال مارتن دمبسي، قائد فرقة المشاة الاولى، الذي رأى ان الهجوم الذي تعرض له فندق الرشيد، حيث كان يقيم نائب وزير الدفاع الاميركي بول ولفوويتز، لم يكن ابن ساعته، ولا بد ان مخططيه احتاجوا الى عدة اشهر لاعداده، بما فيها بناء القاعدة المتحركة لاطلاق القذائف والتدريب على الهجوم، وان تنفيذ الخطة اثناء وجود ولفوويتز كان مجرد صدفة!

من الصعب تصديق هذا التحليل، لكن اذا افترضنا صحته فإنه يعني ان المقاومين متقدمون في خططهم، وان جموعاتهم تنسق وتراقب الوضع والتحركات، وان هناك بالتالي فشلا امنيا ذريعا من قبل العسكريين الاميركيين.

وبدلا من ان يخفف وزير الخارجية الاميركية كولن باول من ارتباك العسكريين الاميركيين، ابلغنا ان الاجواء الامنية في العراق بسبب عمليات «اضرب واهرب» تزداد تعقيدا، و«لم نكن نتوقع ان هذه العمليات ستستمر لزمن طويل».

في الاول من ايار (مايو) الماضي قال الرئيس الاميركي ان العمليات العسكرية في العراق انتهت، لكنه اخطأ، ويوم الثلاثاء الماضي قال ان العالم سيشعر بسلام حقيقي تحت قيادته، ونرجو فعلا ان لا يخطئ مجددا.