«أوبك»... وإدارة بوش الجديدة

TT

قبل ايام معدودات من بداية عهد الرئيس الاميركي الجديد جورج ووكر بوش يبدو وكأن ادارة الرئيس بيل كلينتون المودِّعة اختارت شن حملة تستهدف منظمة الدول المنتجة والمصدرة للنفط «اوبك»، وهذا ما تنم عنه مواقف وزير الطاقة الاميركي بيل ريتشاردسون المعادية لـ«اوبك»، بل والتحريضية ضدها.

هل يستخلص من هذا ان واشنطن بصدد محاربة «اوبك»؟ ليس بالضرورة. واصلاً، فإن حرباً من هذا النوع ليست في مصلحة اي من الجانبين.

فـ«اوبك» تبقى اكبر مصدّر للمحروقات في العالم بينما لا تزال الولايات المتحدة اكبر مستورد ومستهلك للمحروقات، وبالتالي فكل منهما بحاجة للآخر. ثم ان كلاً من الجانبين مستفيد من استقرار سوق الطاقة العالمية، حيث تساعد الاسعار القوية بما يكفي لتشجيع الاستثمارات الطويلة الاجل، ولكن من دون ان تكون مرتفعة الى حد التسبب بتضخم عالمي كارثي.

خلال الاسابيع القليلة الفائتة هبطت الاسعار العالمية للنفط الى ما دون 25 دولارا للبرميل، وهذا الرقم ازاء خلفية الهبوط البطيء، والمستمر ايضاً في سعر صرف الدولار، الذي هو العملة التي يتعامل بها المصدّرون، يؤدي عملياً الى توفير طيب مقداره 30% للدول المستوردة.

بكلام آخر، هذا الهبوط كبير الى درجة تطمئن اسواق الدول الصناعية الكبرى من دون ان يلحق أضراراً خطيرة بالاقتصادات الهشة نسبياً في معظم دول «اوبك».

طبعاً ما يزال الوقت مبكراً لتوقع اي سياسة ستتبناها إدارة بوش المقبلة إزاء «اوبك»، غير ان اختيار بوش السناتور السابق سبنسر ابراهام، المتحدر من اصل عربي، لشغل منصب وزير الطاقة، قد يعني، او لا يعني، توجيه رسالة من طبيعة ما الى «اوبك» التي تشكل الاقطار العربية اغلبية اعضائها. ولكن ما هو معروف ومؤكد حتى هذه اللحظة ان ابراهام رجل ملم بشؤون الطاقة، وسيكون شريكاً جاداً في اي مفاوضات مع المنظمة. ولا ننسى ان هناك ايضاً على مقربة من هرم السلطة ريتشارد تشيني، نائب الرئيس الجديد، الذي كان حتى انتخابه من قياديي صناعة النفط ومن الخبراء في سياساته.

على صعيد السياسات النفطية ايضاً، يعرف عن الرئيس الجديد بوش «الابن» اعتزامه فتح ولاية آلاسكا امام مزيد من النشاط النفطي المحفز على مزيد من الانتاج الوطني الاميركي، الا ان خطوة كهذه يجب الا تقلق «اوبك» كثيراً، وذلك لأنه حتى في حال استمرار معدلات النمو الاقتصادي الحالية، ستواجه السوق العالمية نقصاً او عجزاً يومياً لا يقل عن 2.5 مليون برميل بحلول عام 2005. ولئن كان من شأن زيادة الانتاج من حقول الاسكا تغطية جزء من هذا النقص، فلا بد من تطوير مزيد من الحقول في مناطق الخليج وبحر قزوين واميركا الوسطى.

اخيراً، في حين يستحيل التحكم بتسيير قصير المدى، لصناعة بتعقيد الصناعة النفطية، فمن الاهمية بمكان اخذ الاحتمالات البعيدة المدى بعين الاعتبار، سواء بالنسبة للمصدرين او المستهلكين. وهذا الواقع بالذات يستوجب استراتيجية قائمة على المصالح المشتركة.