«فرمان» إلغاء العروبة!!

TT

في القاهرة اعلن عن تأسيس حزب «مصر الأم» وهو حزب يضم عشرات المثقفين والمحامين ويستهدف نزع صفة العروبة عن مصر، ومؤسسوه يقولون اننا مصريون ولسنا عربا، ونحن شعوب ناطقة باللغة العربية ولكن ليس هناك ما يجمعنا غير ذلك، والشعوب العربية مثل الشعوب الفرانكفونية في افريقيا التي تتحدث الفرنسية ولكنها لا تشكل امة واحدة. ويطالب مؤسسو حزب «مصر الأم» بإلغاء اسم العربية من اسم الدولة، ويعتبرون العرب جيرانا محترمين، وعلى كل دولة عربية ان تتفرغ لنفسها.

هذه الفكرة ليست جديدة، فقد حدث ان دعا عدد من المفكرين المصريين الى نفس الامر، وهناك تيار في اكثر من بلد عربي يطالب بنفس المطالب وان كان تيارا صغيرا خائفا من اعلان آرائه خارج الجلسات المغلقة.

ربما تكون دوافع مثل هذه التوجهات مرتبطة بتجربة مريرة في العلاقات العربية ـ العربية. فهناك انتشار لفكرة ان من حق العربي «الكبير» ان يستأسد وان يضطهد العربي «الصغير»، وهناك دول عربية غنية تمت سرقتها بفعل فاعل ولكنها تمارس ابتزاز الدول العربية «الفقيرة» بحجة العروبة، وهناك تجارب مريرة لجيوش عربية احتلت دولا عربية اخرى تحت حجة العروبة، والمسؤولية القومية، والوحدة. وهناك ابتزاز وبلطجة باسم الوحدة وفلسطين دفع ثمنها العديد من الشعوب العربية. وهناك علاقة متوحشة وغير انسانية تمارس باسم العروبة والامة!

هذه كلها حقائق، ولكن هناك حقيقة اخرى تقول ان العروبة ليست بدلة يمكن ان نلبسها وننزعها متى نشاء، ولا يمكن لشخص ان يعلن انه قرر ألا يصبح عربيا ابتداء من الساعة الخامسة من صباح اليوم فيصبح كذلك!! والسؤال المطروح هل ان العروبة المتوحشة القائمة الآن يمكن ان تكون مبررا لإلغاء الصفة العروبية، وماذا لو جاء احد وقال ان هناك انحرافا لدى البعض بالنسبة للفكر الاسلامي، وهناك ارهابا يمارسه مسلمون، وهناك طالبان وتخلفها، واحداث 11 سبتمبر، ولذلك فعلينا ان نلغي الهوية الاسلامية؟ أليس هذا الطرح حالة انفعالية عبثية اكثر منها حالة واقعية؟ ألسنا بحاجة الى احزاب تعيد النظر في العلاقات العربية ـ العربية وترفض الابتزاز والبلطجة باسم العروبة، وتدعو الى ربط شبكة مصالح اقتصادية كمدخل لعلاقات عربية متحضرة وانسانية؟!

مطلوب مواجهة النفس والوقوف بشجاعة ضد العروبة المتوحشة من اجل علاقات عربية انسانية تربطها المصالح المشتركة ولا تحركها شهوات المكابرة والمزايدة، وبالتأكيد لن يكون الحل بإلغاء العروبة بقرار من عدد من المثقفين، مهما حسنت نياتهم، ولكن الحل بالمكاشفة والمصارحة والشجاعة وتأسيس عقد عربي جديد يؤمن ان الانسان اعظم كائنات الله على هذا الكوكب!!