مأزق شخصي

TT

في رسالة من نيويورك اعترضت الاخت الفاضلة اسراء عبد الله على ما قلته عن امتناعي عن مراجعة طبيبة محجبة في زيارتي. اوحت لي الرسالة بأن اسراء رجل وليست امرأة، فإن كنت صحيحاً في حدسي فيجب ان ابادر الى تذكيره بأن الكذب على الله وتقمص شخص اخر إثم اكبر من إثمي في اعتراضي على طبيبة محجبة.

وعلى كل، فهناك سوء فهم وقعت فيه الكاتبة. انا لم اعترض على مراجعة طبيبة محجبة بسبب حجابها، وانما بسبب كونها امرأة. فنحن نؤمن بأن المرأة ناقصة العقل، ناقصة الايمان. وأنا ياما عانيت من اخطاء التشخيص والمعالجة التي وقع بها طبيب، رجل كامل العقل، فكيف اطمئن لمخلوقة ناقصة العقل؟

فضلاً عن ذلك، ان مراجعتي لها ستنطوي على خلوة صحيحة وما اختلى رجل بامرأة الا وكان الشيطان ثالثهما. وما العمل اذا كانت الطبيبة ذات جمال فاتن ونظرت في عيني ونظرت في عينها فاشتهيتها؟ اني مثقل بما يكفي من الآثام ولا اريد ان اضيف اليها اثم الوقوع في هوى طبيبة مصرية، كل ذلك وأنا في طريقي الآن الى استغفار ربي والتوبة اليه توبة نصوحاً.

وعند مراجعتي لها سيكون علي ان اذكر نفسي بعدم مصافحتها، فالمصافحة ملامسة والملامسة إثم. هذا كله معقول ومقبول. ولكن كيف سأسمح لها بأن تلامس هي يدي لتتحسس نبضي؟ ماذا اذا تسارعت وتيرة النبض وضربات القلب بسبب لمستها؟ معظم مشاكلي الصحية تتعلق بالنصف الاسفل من بدني. سيجعلها ذلك ان تطلب مني نزع سروالي ولباسي. واذا بها لا تكتفي فقط بملامسة يدي وجس نبضي وانما تقوم بدعك بطني واعضائي وهي بحجابها وحشمتها.

هذه أمور غابت عن تفكير الأخت الفاضلة كاتبة الرسالة اوقعتها بهذا السوء من الفهم، ولكنني طبعاً اتفهم ذلك منها واتسامح معها كمخلوقة ناقصة عقل. الحقيقة انني اجد نفسي الآن في مأزق شخصي في هذا الصدد. فقد تقاعد عن العمل الطبيب المسؤول عني الدكتور تيودر مايلز. ولا شك انه قرر التخلي عن مهنة الطب بسبب كثرة مراجعاتي له. ولكنه على اي حال قد استقال.

وعينوا بدلاً عنه طبيبة امرأة. بالطبع وهي واحدة انجليزية من الكفار الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر، لم تقم مشكلة فقهية بيني وبينها. وهي على أي حال ليست طبيبة محجبة. ولكن المشكلة بقيت في أنها امرأة ناقصة العقل. فكما افهم واتصور ان لبس الحجاب او نزعه لا يؤثر كثيراً على زيادة العقل او نقصه. وهو موضوع لم تجر بشأنه بعد دراسات علمية اكاديمية. وهذه فرصة للطامحين الى شهادات الدكتوراه في طبابة العقل. وستكون انفع بكثير من كل هذه الاطروحات الجامعية عن تحسين صورة العرب والمسلمين في الغرب.

سيقول القارئ: لماذا لا تذهب لطبيب آخر؟ انه سؤال معقول ولكنني هنا في دار الحرب وليس في دار الاسلام. علي ان اقدم لوزارة الصحة البريطانية اسباباً مقنعة لنقلي الى طبيب آخر. وكيف اقول لهم انني لا اريد طبيبة امرأة لأنها ناقصة العقل، ووزارة الصحة نفسها وزيرتها امرأة تحكم البلاد باسم ملكة امرأة؟ وهذه واحدة من مساوئ العيش في دار الحرب.