السلطان والصدر الأعظم

TT

اذا اشترك القطبان السلطان جورج كلوني والصدر الأعظم كاثرين زيتا ـ جونز في أي فيلم فلا بد ان تشاهده وتتوقع ان ينجح، فما بالك اذا كان الموضوع الذي يطرقانه على كل شفة ولسان شرقا وغربا وسرا وعلنا.

لقد كان عندنا ذات يوم مسرحية اسمها ـ زواج على ورقة طلاق ـ وهناك مشهد شهير لعادل امام تقول له فيه الست اياها ـ طلقني ـ فيرد مش لما الاول نتزوج.

وفي فيلم «قسوة غير محتملة» تتزوج كاثرين زيتا ـ جونز كثيرا ودوما بنية الطلاق ويكون جورج كلوني سلطانا حقيقيا في محاكم الطلاق لا يمسك قضية الا ويكسبها لصاحبها او صاحبتها حتى صار أسطورة في ذلك التخصص لكنه ـ وغلطة الشاطر بألف ـ يقع ومع من؟ مع الصدر الاعظم والسيدة الفاتنة المتخصصة في سلب الازواج ثرواتهم باسلوب شرعي تسخر من اجله جمالها وذكاءها قبل ان ياتي الدور على محاميها الذكي ليحصد اتعابه واتعابها من عرقها الغالي.

جورج كلوني لم يكن محاميها لكن الاقدار وضعتها امامه بالصدفة حين كان يمثل احد ازواجها ومن اول لقاء غمزت السنارة وصار الصياد صيدا لامرأة دون رحمة تربت في اوساط الباحثات عن الذهب وكل واحدة من صديقاتها في نادي المطلقات الثريات صنعت ثروتها بذات الاسلوب، رجل بسيط غبي وغني يفغر فاه دهشة للجمال ويشتري معسول الكلام مغمسا بعسل العيون وما ان يتزوج ويتذوق العسل حتى يهاجمه المر والعلقم فيطلق مرغما ويترك للست بيته ونصف ثروته.

في فيلم «قسوة غير محتملة» جانب من الحبكة لا يمكن فهمه منطقيا، فالمحامي الذي وقع فريسة سهلة لمزواجة محترفة كان يعرف اسلوبها حين كسب قضية ضدها لأحد أزواجها وعليه ما عليك الا ان تفسر ما يحدث بعمى الحب الذي لا يصمد أمامه عاشق حقيقي.

المحامي الحاذق وحين وقع بالحب صار مثل بقية الازواج وفقد بيته. فالحب كما اسلفنا واسلف غيرنا أعمى حتى للحاذقين لكن المحامي الاعزب الذي غلبته ايضا وحدته وجد في تلك العاطفة النبيلة شيئا آخر غير العمى والغش والخديعة واكتشف ان للحب ميزة خفية منسية هي الرحمة. فاجمل لقطات الفيلم تلك التي يذهب خلالها المحامي المنكوب ببيته وعواطفه ليخطب في مؤتمر محامي الطلاق وهناك يكشف لهم عن الجشع الذي يسيطر على اهل تلك المهنة فيجعلهم مثل الساقطات الباحثات عن الذهاب لا هم لهم غير المال فما ان تأتي اليهم اية امرأة أو أي رجل في قضية طلاق حتى يبدأون في البحث عن الثغرات لكسب قضية موكلتهم او موكلهم من دون ان يفكروا لحظة في الحب الذي كان وفي البيت المحطم وامكانية البحث في اصلاح المركب قبل ان يغرق بما فيه ومن فيه من بشر وثروات وعواطف.

والنهاية هندية مع بعض الظرف وليست مهمة بذاتها فالأهم منها هذا التشريح الدقيق والقاسي لعالم العواطف البشرية الهشة والمزيفة.