المطلوب سلام مبدئي

TT

في محاولة البحث عن ميراث سلام يمكن ان يدعم مكانته في التاريخ، يقضي الرئيس الاميركي بيل كلينتون الايام الاخيرة من رئاسته في محاولة التوصل الى اتفاق موقع من الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وورئيس وزراء اسرائيل ايهود باراك.

والسؤال هو ما اذا كانت المقترحات التي قدمها كلينتون ستؤدي الى سلام عادل ودائم أم لا؟

من الواضح ان الرئيس الاميركي يريد من الفلسطينيين التنازل عن حق اساسي في شرعية قضيتهم، وهو حق عودة الفلسطينيين الذين طردوا من ديارهم في موجات متعددة من جراء التوسع الاسرائيلي، وهذا حق مشروع عالميا لجميع الشعوب في كل مكان. فعلى سبيل المثال، حتى ونحن نكتب هذه الافتتاحية، يوجد يهود يطالبون بعقاراتهم وحق الاقامة في مناطق من اوروبا التي كانت تسيطر عليها القوى النازية ثم النظم الشيوعية في ما بعد.

الا ان باراك يكرر دائما انه لا يستطيع الاعتراف بهذا الحق، بالرغم من ان اليهود الذين ولدوا في اي مكان من العالم وليست لهم اي علاقة بفلسطين يملكون حق العودة آليا، بالعودة بينما يحرم الفلسطيني من مجرد الاعتراف بمثل هذا الحق.

وكما يرفض السيادة الفلسطينية على الاحياء ذات الاغلبية العربية في القدس، ينتهج باراك مرة اخرى فكرا مزدوجا، يعامل العرب كبشر من درجة اقل، اذ يملكون حقوقا اقل من جيرانهم اليهود. ويمتد ذلك الى المفهوم الاساسي للدولة الفلسطينية، فباراك يريد ان تكون للفلسطينيين دولة من الدرجة الثانية، وليس من المفاجئ ان يقول الفلسطينيون لكلينتون: شكرا.. ولكن لا! ان اية اتفاقية سلام تنطلق من منطلق عدم التكافؤ لا بد ان تكون هشة وغير مستقرة. وما يحتاجه الشرق الاوسط هو سلام قوي ودائم، ولا يجب التضحية بهذا المبدأ المهم تحت ضغط اي عامل زمني او غير زمني.

ان دروس التاريخ تؤكد ان السلام والانتهازية نادرا ما يمتزجان، بينما السلام والمبدأ صنوان طبيعيان.