بوش وبلير: معاً رغم كل شيء

TT

يقول الدبلوماسيون القلقون على جانبي الأطلسي ان «الأمر بدا شبيها بفكرة جيدة في حينها». وهم يقومون باعادة نظر بشأن الزيارة الرسمية غير الناضجة التي يقوم بها الرئيس الأميركي الى المملكة المتحدة.

وكانت الدعوة قد وجهت قبل عامين من جانب توني بلير عندما كانت أميركا تتمتع بشعبية باعتبارها ضحية لهجمات الحادي عشر من سبتمبر، ولكن الزيارة تبدأ في وقت يجري فيه التنديد بكل من بلير وبوش في أوروبا لتوحيد قواهما للاطاحة بمستبد خطر. وبسبب أن تحقيق تلك المهمة يكلف من الأرواح والأموال أكثر مما كان متوقعا، فان الجمهور المناهض لأية حرب يتخذ موقف التحدي.

ففي ساحة الطرف الأغر فان رسل اللائذين بالفرار قد وضعوا شارات «أوقفوا الحرب» كما لو أننا لا نفعل ذلك. وتشير التقارير الى انهم يعتزمون القيام بتظاهرة احتجاجية، بين فعالياتها اسقاط تمثال رمزي لبوش أمام كاميرات محطتي «بي بي سي» و«الجزيرة».

وتضاف إلى هذا التذمرات المألوفة بشأن ازدحام المرور الذي بدأ بسبب وضع الحواجز ومجيء آلاف المسؤولين والصحفيين الأميركيين لبريطانيا وسط اجراءات أمنية، ناهيكم من التذمرات بشأن تكاليف الاقامة في قصر بكنغهام، في اطار الضغوط بقصد تقصير الزيارة واختزال النشاطات. ولا يواجه بلير أيا من هذه الأوضاع. وعلى الرغم من انه يواجه النيران من كثيرين في حزب العمال الذي يتزعمه فقد أكد ان الزيارة ستمضي مصحوبة بكل الترتيبات الأمنية. وهو مصمم على أن يؤكد ما سماه تشرشل «العلاقة الخاصة» بين الولايات المتحدة وبلدها الأم.

كما أن بوش لا يعيش حالة الاعتذار كونه الضيف الرسمي للملكة في وقت عصيب. بل على العكس من ذلك فقد وجه، في مقابلات أجريت معه قبل سفره من جانب صحفيين بريطانيين بارزين، رسالة شذبها في خطابه «عهد الحرية»، وفيه قال: ان حربنا العالمية على الارهاب لا يمكن أن تنفصل عن الصراع السياسي من أجل توسيع آفاق الحرية الانسانية.

وقد بثت المقابلة التي أجراها معه السير ديفيد فروست والتي استغرقت نصف ساعة صباح الأحد في لندن. وفي المقابلة وجه فروست أسئلة مثيرة حادة ولكن بأسلوب محترم، وهي أفضل وسيلة لجعل بوش منفتحا في اجاباته وقد أظهر رد فعل للبريطانيين أكثر عقلانية ومثالية وقدرة على التعبير من صورة الكاوبوي الكاريكاتورية التي ترسمها الصحافة اليسارية أو صحافة الوسط الأوروبي.

وكان المشاهدون البريطانيون أكثر اهتماما بما يعنيه دعم بلير الراسخ للتحالف بالنسبة لدور بريطانيا الرئيسي كجسر بين القارات. والمعيار الأول هنا هو هل ستعتبر واشنطن القوة الدفاعية الأوروبية المستقلة المقترحة تقويضا للناتو؟ وكان جواب بوش يشير للثقة في تأكيد بلير اذ قال «أثق بما يقوله».

ولابد ان المسؤولين في «بي بي سي» المناهضة لاسرائيل، والذين يقفون بشكل صريح مع الفلسطينيين سيفاجأون بما قاله بوش عندما سئل عما اذا كان دعم أميركا لاسرائيل يعوق السلام، فقد استعاد بوش الآمال التي تجلت عندما اختار الفلسطينيون أبو مازن رئيسا للوزراء بأمل أن بامكانه أن يواجه الارهاب. وقال بوش انه طرح حينئذ فكرة «دولتين متجاورتين. وقال : كنت أثق بأبو مازن. وقلت لشارون: هل تقف وحدك هناك ؟» فأجاب أن عباس يقف معه. وقال بوش: «لقد جرى تحقيق تقدم ولكن عباس أبعد بالقوة»..

وأخيرا ففي بريطانيا وفي هذين اليومين يقوم رجلا دولة بشد ربطتي عنقيهما دون أبهة في ظل ظروف شاقة، متوحدين في الموقف أمام الوضع السياسي الساخن. وشأن الحلفاء الذين يقودانهم يبقيان في الحرب معا.

*خدمة نيو يورك تايمز ـ

خاص بـ«الشرق الاوسط»