بطاقة في رمضان

TT

قبل ان تضرب اميركا افغانستان، اخذ الناس يتساءلون حول الموعد المحتمل. واستبعد الجميع ان تفعل ذلك في رمضان، لأنه لا يعقل ان تسيء الى مشاعر المسلمين في شهر الرحمة والبركات. وقال البعض بل هي ستفعل، ولن تربط حساباتها العسكرية بالحسابات الاخلاقية بعد 11 سبتمبر. وعندما بدأ الحديث عن هجوم على العراق، تكرر الكلام نفسه، وهو ان اميركا لن تبدأ الحملة العسكرية في رمضان.

توصف الادارة الاميركية بالانتماء الى ما يسمى «الصهيونية المسيحية»، ومع ذلك توقع منها الجميع ان تحترم مشاعر المسلمين، ليس في البلدين المعنيين فقط، وانما حول العالم برمته. فالمهم هنا هو الشهر نفسه وما يعنيه للاسلام والمسلمين وما يرمز اليه في قلوبهم وعقولهم وارواحهم وتقاليدهم. فاذا بالرمز الكريم يُضرب في غرته ويضرب في قلب الرياض وتنشر حول صورته وبهائه ومعانيه صور الاطفال والعائلات المذبوحة كالخراف.

هذه هي هوية الفعلة الذين رفضوا ان يكشفوا عن هويتهم. ولا بد ان نتذكر بعد جريمتي الرياض، ما كان يقال من انه من المستحيل ان تقدم «كوكبة» من الفرسان على القيام بهجمات نيويورك، او بالاحرى «بغزوة نيويورك» كما سماها الشيخ المجاهد اسامة بن لادن. بلى. كل شيء ممكن في غياب الافئدة والعقول، بما في ذلك الاجرام العشوائي الاعمى في قلب الرياض. والتوقيع واحد في كل مكان. والاسلوب واحد. والفظاظة الخلقية واحدة. والغايات تتكرر، من مصر الى الجزائر والآن الى السعودية: ترويع الناس وتقويض الاقتصاد وطرد كل من يساهم فيه. ففي مصر سددت الضربات الى مصدر الدخل الاساسي الذي يعيش منه ملايين الناس. وفي الجزائر استهدفت المذابح المدارس وروضات الاطفال. وفيها ايضاً بدأ استخدام الخدعة القاضية باستخدام سيارات رجال الامن او تزويرها من اجل القيام بعمليات القتل الارهابية الجماعية الخالية من اي شكل او ملمح او حساب من حسابات الرحمة البشرية.

وهذا النوع من الاجرام لا يريد فقط القول انه لا يخاف الدولة، بل يريد القول انه لا يخاف الله ولا الدين ولا الشريعة ولا اي دعوة من دعوات الرحمة. انه فقط يريد ان يعرض نموذجه في حل القضايا. ونموذجه في النظر الى الناس. ونموذجه في مقاربة الحلول. القتل ثم القتل ثم القتل. اما من هو القتيل فليس ذلك مهماً.

وسوف يجد هذا النوع من الهمجية اعلاماً يقدره حق تقدير. وسوف يجد اعلاماً عربياً كان ينتظر بتلهف وتلمظ عرساً مزيناً بالدماء وجثث الاطفال وعيون النساء المفقودة، وسوف يلقي علينا هذا الاعلام دروساً تحليلية توضح لنا، وتفحمنا، حول ضرورة ذبح الاطفال والامهات من اجل الوصول الى المستقبل المنشود وبلوغ الغاية الاسمى.