إمكانيات «حزب الله»

TT

طيلة صراع «حزب الله» مع اسرائيل نجح الحزب في توسيع دائرة اصدقائه والمتعاطفين معه، وضيق قاعدة اعدائه الى ابعد حدود الى درجة ان اسرائيل كانت تشعر انها منعزلة في معركتها مع «حزب الله»، لذلك لم يدخل الحزب معمعة الصراع الطائفي اللبناني، وابتعد عن ان يكون طرفا في النزاعات العربية، وحدد معركته مع اسرائيل، بهدف تحرير الجنوب، ولذلك عندما انسحبت اسرائيل من الجنوب اللبناني كنا مع الداعين الى تحول «حزب الله» الى حزب سياسي لبناني يخوض المعركة السياسية اللبنانية ضمن اساليب اللعبة الديمقراطية.

ولذلك استغربنا من خطاب الامين العام لـ«حزب الله» الشيخ حسن نصر الله، وهو السياسي الذي نجح في خطابه طيلة السنوات الماضية، والذي ينتقي كلماته بكثير من الذكاء السياسي; فدعوة الشيخ نصر الله وتهديده بضرب اسرائيل اذا «اعتدت على سورية ولبنان» هو كلام يضر بالحزب، وهو كلام لا يتفق مع الذكاء السياسي الذي مارسه «حزب الله» طيلة السنوات الماضية.

ايران وسورية، دولتان لديهما جيوشهما وإمكانياتهما، وهما دولتان عضوان في المجموعة الدولية وفي الامم المتحدة، ولا نعتقد ان «حزب الله» يمتلك الامكانيات مهما حسنت النوايا وهانت التضحيات لتوسيع معركته، واعتباره حزبا قادرا على الدفاع عن دول بحجم سورية وايران، فذلك يحتاج الى امكانيات لا يمكن ان تتوفر للحزب، كما ان الحزب يعمل ضمن اراضي دولة مستقلة هي لبنان، وليس من مصلحة لبنان ان يدخل حروبا للدفاع عن الآخرين، وهو الذي كان ضحية صراعات اقليمية لا حد لها.

الثقة بالنفس واجبة دون مبالغة، والدعوة الى قتال العدو الذي يحتل الارض واجب وطني وأخلاقي، لكن المبالغة في تقدير القدرة الذاتية ربما تؤدي الى مقتل، ولا يكفي لأحد مهما كانت امكانياته ان يلعب دورا اقليميا بحجم حماية سورية وايران، فما بالك بامكانيات «حزب الله» التي نقدرها ونحترمها، ولكننا، ومعنا بالتأكيد الشيخ حسن نصر الله، نعرف «البير وغطاه».. مع تمنياتنا أن يقرأ ما نكتبه بكثير من حسن النية.