غضبة سفير

TT

«ما الذي حملك إلى إطالة لسانك بهذا الشكل الاستفزازي وبتلك الآلاف من الأميال؟»

«وما هذه الازدواجية والكيل بمكيالين في العمل الصحفي؟ أو بالأحرى ما هذا الاستخفاف والازدراء والتطاول الرخيص على سفير؟»

هذه عبارات اقتطعتها من رسالة ساخنة وردتني احتجاجا على مقال كتبته في العدد عن حدود حركة السفراء في اعقاب المواجهة الكلامية بين السفير الاميركي في القاهرة والصحافة المصرية، وغيرهم من سفراء اميركا في المنطقة الذين يتهمون حاليا بحشر انوفهم في شؤون البلدان الداخلية بالتعليق والزيارات الميدانية.

كنت اتوقع ان من سيحتج احد سفراء واشنطن في المنطقة على اعتبار ان النقد موجه لهم، حتى قرأت الرسالة مذيلة باسم سعادة السفير حامد كرهيلا، سفير دولة جزر القمر. وما علاقته حتى يغضب؟ فالدكتور غازي القصيبي السفير السعودي السابق في لندن لم يحتج عندما اوردته مثلا وكيف اضطهده الاعلام الاميركي والبريطاني بسبب قصيدة حول فلسطين في حين ترك الحبل على الغارب للسفير ديفيد ولش في القاهرة. كنت اتصور ان يحتج سفير المانيا او روسيا او غيرهما طالما ان الحديث حول اوزان الدول.

جزر القمر لا علاقة لها بالموضوع سوى ان الحديث عن المقارنات من حيث الحجم كجزر القمر واميركا، والحجم للعلم صفة وليس مسبة يا سعادة السفير.

سفير جزر القمر لأنه لم يفهم سياق الحديث الا لمجرد ذكر اسم دولته انتخى مدافعا مستنجدا بالامم المتحدة والجامعة العربية، وهذا حقه وواجبه، لكن مع احترامي له عليه ان يقنع زملاءه السفراء بصحة كلامه فهم يعرفون جيدا ان للدول ظروفها ولسفرائها الشيء نفسه. واذا لم يدر بعد ان هناك استثناءات احيانا حسب الاوزان فليسأل الزملاء في اي مكان.

ورغم ان السفراء امام البروتوكول متساوون فليعذرني سفير الدولة الشقيقة وعليه ألا يغضب فانا ككاتب لست ملزما برأي إدارة المراسم حتى اضع الدول حسب الترتيب الابجدي، فللدول مقاسات رغما عنا جميعا، ولا يعني ذلك انها محببة او مكروهة. فجزر القمر، بالتأكيد، لا تملك رصيد الكراهية الذي قد تملكه الدولة العظمى. ولا أعتقد أن السفير الفرنسي سيغضب لو قلنا ان اقتصاد بلاده اصغر من جارته عبر المحيط، فأصول بنك سيتي كورب الاميركي لوحده تفوق ميزانية فرنسا، الدولة الكبرى.

وعليه ايضا الا يعتبر المساحة منقصة فهناك اعضاء رائعون في نادي الدول الأقل من عشرين الف كيلومتر مربع مثل البحرين ولبنان وقبرص. وسنغافورة صغيرة المساحة مثل جزر القمر، لعلمه، لكن مداخيلها المالية اكثر من مداخيل دولة كبيرة المساحة كالسعودية.

احتج علي السفير، أيضا، لأنني أغفلت ذكر اسم دولة السفير الأوروبية وكان عليه ان ينتبه انني اوردتها في قصة شخصية ولم تكن مراجعة جغرافية او عامة.

[email protected]