طرح طائفي عراقي

TT

وقعت الكثير من وسائل الاعلام العربية وعدد من المثقفين العرب في فخ التحليلات الغربية الساذجة للتركيبة الطائفية في العراق. وهناك ترديد لمقولات لا تستند الى وقائع تاريخية عراقية ولا الى اثباتات من واقع تجربة العراق السياسية الحديثة.

الحديث عن قيام دولة شيعية متطرفة في العراق هو وهم روجت له بعض التحليلات الغربية الساذجة وانساقت وراءه مؤسسات اعلامية عربية كثيرة. فالشيعة في العراق مثلهم مثل بقية الطوائف شيع واجتهادات مختلفة على كثير من القضايا، بل ان التعارضات داخل الساحة السياسية الشيعية في العراق هي اكثر وضوحاً وخلافاً مما هو داخل الساحة السنية او الكردية او غيرها، كما ان الحديث عن «ايران ثانية» في العراق يدل على سذاجة سياسية وخاصة ان ايران الأولى لم تشكل حتى الآن نموذجاً سياسيا او اقتصادياً لايران ثانية، وما زالت ايران بعد هذه السنوات الطويلة تعيش تناقضات صارخة بين محافظين واصلاحيين، وبين اصوليين وعلمانيين.

اخطر ما في الطرح الساذج للطائفية في العراق هو تحميل السنة مسؤولية جرائم صدام حسين، والتعامل معهم كمواطنين من الدرجة الثانية او كأقلية، وهذا يتعارض مع حقيقة ان ضحايا صدام حسين يمثلون كل المجتمع العراقي، وصدام عندما كان يقتل ويبطش لم يكن يختار ضحاياه بشكل طائفي، بل ان تكريت السنية ومسقط رأسه ورأس عائلته هي من اكثر من دفع الثمن، وهناك قائمة طويلة من ضحايا صدام حسين من عائلته واقربائه، ومع ذلك انساق البعض للحديث عن المثلث السني وعن المقاومة السنية وعن حكاية ان السنة قد حكموا «بما فيه الكفاية» وجاء الدور على الشيعة.

هل نحتاج الى تذكير بعضنا البعض ان العراق لم يشهد في تاريخه الحديث حرباً طائفية. وحتى الاغتيالات السياسية التي عرفها العراق فإن من الحالات النادرة قتل زعيم سياسي شيعي على يد سني والعكس صحيح. اما تفسير الامور في العراق بهذه الاحادية الطائفية الضيقة فهو محاولة لاظهار العراقيين وكأنهم قاصرون، وبالتأكيد فهناك زعامات عراقية طائفية من مصلحتها ترسيخ المفاهيم الطائفية لان هذه الزعامات لا تعيش الا على عصبيات الجاهلية الاولى.