العلوج الإسبان والطليان و... إلخ

TT

من هي «المقاومة» العراقية؟ لم يقدم احد حتى الآن على تحديدها او تعريفها. فلا احد يعرف هويتها، او مجموعة هوياتها، على وجه اليقين. ولا احد يعرف ممن تتكون بالضبط، ومن هو الجناح الاقوى فيها، وما هو حجم دور «الافغان العرب». ولا نعرف ان كان صدام حسين وحده مصدر التمويل. ومن يدير العمليات حقا، وهل لدى عزت الدوري مثل هذه الطاقات التي تنسب اليه؟ ولماذا يقيم الاميركيون حملة شديدة الضخامة للبحث عنه، ويطوقون سامراء، ولا يقيمون مثل هذه الحملة للبحث عن الرئيس السابق نفسه؟ ويذكرني ذلك بقصة لسومرست موم عن ذلك الرجل الذي يهرب من ملاك الموت الى سامراء، ظنا منه انه في بغداد، فيكتشف انه يحوم فوق المدينة المجاورة!

وعلى سيرة سامراء، اين هو اللواء وفيق السامرائي، مدير المخابرات العراقية السابق وأحد ابرز وجوه المعارضة العراقية في الخارج؟ لقد كان في الماضي اكثر اعضاء المعارضة حركة وحديثاً وظهوراً، ثم سمعنا انه عاد وهو في الموصل، ثم لم نعد نسمع شيئاً؟!

ولنعد الى «المقاومة». ان كل ما نعرفه، اي ما يعرفه «الخارجيون»، هو ما يسمعون او يقرأون، وكل ما نستطيع ان نفعله هو ان نتابع خطوطها وخيوطها لكي نقرأ فيها سياستها واستراتيجيتها، والخط البياني المتصاعد للعمليات يوحي بأن المخطط يريد ان يوجع حلفاء اميركا لحملهم على الانسحاب، لقناعته بأن الاميركيين لن يتراجعوا في المرحلة الحالية. اما الاوروبيون فإن الرأي العام في بلدانهم يرفع صيحات الانسحاب. وقد ازداد الضغط على الاسبان في عملية تركيز واضحة مع ان القوة الاسبانية لا تزيد على 800 رجل، نصفها من اميركا اللاتينية والوسطى. وقبل اسبوعين ارسلت «المقاومة» الى مدريد سبع جثث في جنازة جماعية هزت مشاعر البلاد. وقبل الاسبان كان هناك الايطاليون. وضُربت الامم المتحدة على نحو شديد الفظاظة. واستهدف الصليب الاحمر الدولي، من اجل منع اي مؤسسة دولية من تغطية اي مشاركة حليفة. وفجرت السفارة الاردنية في رسالة واضحة الى الدول العربية التي كان يمكن ان ترسل قوات الى العراق. واستهدفت ايضاً السفارة التركية في التفجير لمنع تركيا من ارسال قواتها، كما كان مقرراً، وايضاً لتحذير الدول الاسلامية من ذلك، مثل اندونيسيا او باكستان.

لذلك، يقول ضابط ايطالي في بغداد: «الارهاب يتحرك بالاشارات والرموز. ومن اسهل الاشياء قراءة خططه وتوقعها. ولكن هذه الاسلاك حول السفارة الايطالية لن تمنعه من ان يضرب ضربته، لانه لا يريد التفجير في حد ذاته بل يريد زرع الرعب». هذه الحالة منعت الاميركيين من التحرك وزادت النقمة عليهم، لان الحياة العامة شبه منهارة في بغداد، والمتعاونون معهم يشلهم الخوف ويعزلهم، بعد استهداف رجال الشرطة واعضاء المجلس الانتقالي، والحالة الامنية والاجتماعية رعب هي ايضاً.

من هي اذن «المقاومة» العراقية؟ ومن هو منسقها؟ ومن هو «دماغها»؟ بالتأكيد ليس عزت الدوري. وعندما كان محمد سعيد الصحاف يتحدث في مؤتمراته الصحافية اليومية عن سقوط علج هنا وعلج هناك، كان يتحدث يومها عن متخيلات سوف تقع في ما بعد. سقى الله مرحلته. كان مسلياً.