ليس بالعقل وحده!

TT

هل اذا لم نكبت سيل مشاعرنا ونمكنها من التدفق، وانتبهنا جيداً الى ما تحمله من رسائل ومعان، ثم أمعنا النظر في الكيفية التي تلتحم بها افكارنا.. هل عندئذ نكون قد وضعنا خطواتنا على طريق النجاح في الحياة؟

جاء في تقرير للدكتور انطونيو ماسيو عالم النفس في جامعة ايوا الامريكية نشر مؤخراً بمجلة «شتيرن» الالمانية ان كافة البحوث التي جرت على الانسان برهنت على تشابك المشاعر والعقل ككيان واحد، وعلى انه رغم الانجازات المهمة والهائلة التي حققها الفكر والعقل، الا ان المشاعر تسيطر على حياتنا وتوجهها. فالالم والفرح والثقة وخيبة الامل والملل والغضب والحب والكراهية والغيرة وكافة انواع المشاعر بمختلف اطيافها ودرجاتها تصبغ حياتنا بألوانها المختلفة وتضفي عليها مضموناً ومعنى.

ويجمع العلماء على اننا لا نتعلم المشاعر بل هي متأصلة في عواملنا الوارثية، تماماً مثل لون الشعر او اصابع اليد، فنحن لا نتعلم مثلا الشعور بالخوف او الحزن او الغضب، والدليل على ذلك ان الطفل الرضيع يعرف كيف يشعر بالالم فيبكي، وكيف يشعر بالسعادة فيضحك ويبتسم، وعلى حد قول الدكتور ماسيو فان المشاعر هي حزمة من التفاعلات تقوم الطبيعة بصياغتها، وهذه الحزمة من الانفعالات لا نخرجها كما نشاء وانما تطلقها وتحفزها على الخروج والظهور مواقف نمر بها في حياتنا اليومية.

تساعدنا المشاعر وتعيننا على اكتشاف طريقنا في الحياة المملوء بالمصاعب والشرور وبالاشياء غير المتوقعة، وهو طريقنا الذي لا يمكن لاحد منا ان يجتازه مستعيناً بالعقل وحده من دون المشاعر. وفي هذا الصدد يؤكد العلماء انه لا يمكننا العيش ككائنات اجتماعية بدون المشاعر والانفعالات وبدون القدرة على التعرف على مشاعر الحزن والفرح والغضب لدى الآخرين في اطار التعامل في الحياة اليومية، وهي المشاعر التي تقبع في اعماقنا بعيدة عن الفهم والوعي.

وللمشاكل الجسمانية تأثير في حالاتنا المعنوية، وكذلك الاضطرابات المعنوية لها تأثيرها في نفوسنا وقلوبنا، وعلى ضوء هذا الترابط يمكننا ان نفهم سبب بطء تفكير الشخص اذا كان حزينا او مريضا مقارنة بقوة التألق الذهني لديه وحيويته اذا سادت مشاعر الانشراح والثقة بالنفس. وفي هذا الصدد يشير الدكتور ماسيو الى ان كل ما تعرضت له وظائف الجسم واعضاؤه من تطورات على مدار السنين تظل باقية ويتم حفظها في طبقات اعلى واكثر تعقيداً.