شيفارنادزة وصدام حسين.. أيهما الجاني.. أيهما الضحية..؟

TT

قاد رحيل شيفارنادزة المفاجئ عن مسرح جورجيا التي أصبح رئيسها بعد سقوط الاتحاد السوفياتي الى تداعيات عديدة مثلما أصبح رحيله لبانة لاكتها أقلام الصحفيين شرقا وغربا فاجترت معها وبها بصماته على السياسة الدولية أيام كان ملء السمع والبصر وزيرا لخارجية الاتحاد السوفياتي، وهو الأخير مع الامبراطورية التي سقطت دون أن يبكي عليها أحد، مثلما بالغت أجهزة الاعلام المرئية والمسموعة في تغطية الحدث.

«الشرق الأوسط» لم تكن استثناء عن ذلك، فقد تناول رئيس تحريرها عبد الرحمن الراشد رحيل شيفارنادزة بعنوان «تلبيس ابليس» الشرق الأوسط الأحد30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وذلك ردا على حسن ساتي الذي جعل من شيفرنادزة متآمرا على العرب وعلى فكره وعلى بلاده في مقاله «بالمؤامرة أو بغيرها.. وداعا ابليس تبليسي («الشرق الأوسط» الثلاثاء 25 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي).

جوهر المداخلتين كان خلافا واضحا حول المؤامرة، فقال الراشد ان السياسة لا تحمي المغفلين، وان صدام حسين ليس من القادة الذين يستوعبون درسا أو يصغون الى نصيحة.

عبر هذه الصفحة آراء متباينة، بينها أمير طاهري الذي يشخص شخصية صدام حسين، في مقابل جيم هوغلاند من أسرة الواشنطن بوست والذي يقدم صورة أخرى لشيفارنادزة، إضافة الى فؤاد مطر الذي يقارن بين رحيله بانتفاضة رآها تقارب الانتفاضة السودانية التي أطاحت بجعفر نميري، وحسن ساتي الذي لا يزال على رأيه بوجود مؤامرة يقول ان شيفارنادزة كان طرفا فيها سواء بصورة مباشرة أو كان مستغفلا من الأميركيين مثل صدام.

أطياف الآراء هذه يمكن لها أن تفتح أفقا لتساؤلات ولحوار، وربما ولدى الجادين لتشكيل رؤوس أقلام تحفز على نبش ملفات قديمة لجهة بحث يتعدى ما يعرضه الصحافيون مقيدين بفنون المهنة، لأن الأحداث التي كانت شخصيتا صدام وشيفارنادزة طرفا أصيلا فيها من نوع الأحداث التي لا تموت بالتقادم، دعك عن آثارها التي لا تزال تهيمن على ساحات التغطيات الاعلامية تاركة بصماتها القديمة والجديدة على صفحات تاريخ لا يزال يعيش مخاض الوصول الى ما هو قاطع فيها.