حماقة الحماقات

TT

يذكرني الارهابيون الاسلاميون بالطيار البريطاني الذي سقطت به طائرته اثناء الحرب العالمية الثانية في احدى الجزر النائية التي تسكنها قبائل من آكلي لحم البشر. كان محظوظا فلم يأكلوه. الظاهر انهم كانوا لا يحبون اللحم الابيض، على عكس العرب فنحن نموت على اللحم الابيض والشعر الاشقر. بدلا من اكله، اجلسوه معهم فراح يتجاذب اطراف الحديث ويتسامر مع شيخ القبيلة. انطلق يحدثه عن الحرب الجارية في اوربا فوصف له كيف انه في الجبهة الشرقية فقط يقتل الالمان من الروس والروس من الالمان ما لا يقل عن عشرة آلاف رجل. نظر الشيخ في وجهه بعجب شديد. فقال له الانجليزي: اراك تتعجب من هذا الرقم. ولكن مهلا في معركة دانكارك قتل عشرون الف رجل في يوم واحد. اجابه الشيخ قائلا: انني لا اعجب من عدد من تقتلون في يوم واحد، ولكنني اعجب كيف تستطيعون ان تأكلوا كل هؤلاء القتلى في يوم واحد. ضحك الطيار الانجليزي ملء شدقيه وقال: اوه! نحن لا نأكلهم. نحن نقتلهم ونتركهم. اجابه الشيخ قائلا باحتقار: «اما انتم فحقيقة قوم حمقى. تقتلون البشر دونما حاجة لأكلهم!»

بالطبع لم يسمع شيخ قبيلة آكلي البشر ولا الطيار الانجليزي بما يفعله الارهابيون الاسلاميون. فهم لا يقتلون البشر بدون سبب فقط، وانما يهدمون الابنية القائمة ايضا ويدمرون حتى المعابد التي يؤمنون بقدسيتها ويصلي فيها ابناء دينهم. اين حماقات الحرب العالمية الثانية من حماقات حرب الارهاب؟

انني لا اتصور شابا يقوم بعملية انتحارية ويضحي بحياته في عملية من نوع العمليات التي جرت في العراق واندونيسيا والمغرب ما لم يكن شخصا مختل العقل او متخلفا ذهنيا. ولا اتصور احدا يفوقه تخلفا وحمقا غير العاملين في الفضائيات العربية الذين يسمون انتحاره مقاومة وطنية. ليس لهؤلاء الشباب اي تفكير او تصور تكتيكي او استراتيجي او اعلامي لما يقومون به ويضحون بحياتهم من اجله. بعثوا بهم للعراق مع كومة من الدولارات وشحنات من المتفجرات. وقالوا لهم اضربوا كما تشاءون. الفكرة هي ان يضربوا الامريكان. ولكنهم وجدوهم متحصنين. فراحوا يضربون اي مكان اجنبي. وجدوا السفارة الاردنية فضربوها. سمعوا بمقر للأمم المتحدة فضربوه. سارعت كل السفارات والمؤسسات الاجنبية الى الانسحاب من العراق او الى اماكن محصنة. حاروا من يضربون. وهذه مهمتهم. ان يضربوا احدا. فضربوا مسجد الامام علي. بعد كم يوم سيضربون مستشفى حماية الاطفال.

الفكرة الاساسية من العمليات الارهابية هي ان تنبه الخصم والعالم الى قضيتك وغرضك. ولكن الارهابيين الاسلاميين، لم يفعلوا ذلك. بل ادانوا هذه العمليات. ومثلهم فعل صدام حسين الذي ادان حادثة النجف. اذن فما الفكرة؟ ما الغرض؟ مجرد سلسلة من الحماقات.

طبعا لا احمق من هؤلاء الحمقى غير حمقى الفضائيات العربية. تصوروا ان هذه العمليات ستحمل الامريكان على الخروج. قلت في حينها، بل انها ستحملهم على تشديد قبضتهم على العراق بعد شعورهم بأنه تحول الى قاعدة للارهاب. وهو ما حصل بدلا من الانسحاب قرروا الان المجيء بمزيد من القوات، وبالتالي المزيد من الاحتلال.

www.kishtainiat.com