حكايات الجد نلسون

TT

جديد نلسون مانديللا كتاب للاطفال عنوانه «حكاياتي الافريقية الأحلى». او هو كتاب للكبار. او هو كتاب لأشهر افريقي خرج من جنوب افريقيا منذ ان غادرها الهندي غاندي لكي يحرر الهند. لقد ترك مانديللا الحكم قبل ليلة من انتهاء الولاية. ولم يبق يوماً اضافياً واحداً لمجرد انه ابو الاستقلال وابو الحركة الوطنية وانه امضى ثلث عمره في السجن الابيض. عندما خرج من المعتقل اكتشف ان المناضلة التي تزوجها اصبحت امرأة فاسدة تسرق وتقتل وتعتدي وتنكل. وبدل ان يبقيها ويفرضها على الناس طلقها ووقف في المحكمة امام قاض عادي يشكو جورها وظلمها وفظاظتها. وفي شيخوخته ينصرف الافريقي الجميل الى التقاعد والتأمل والتأليف. وتلك الحكايات الجميلة التي سمعها وهو طفل اعاد جمعها وكتابتها. ويرى المرء كم تتشابه الاساطير الفولكلورية في آداب العالم. ولا تتغير سوى الاسماء التي توطّن وفقاً لهوية البلد وتراثه. ونكتشف ان «ناتيكي» الحسناء التي لها شقيقتان بشعتان تكرهانها، ليست سوى «ساندريللا» في الاساطير الغربية التي حولها «ديزني» الى واحد من اجمل الرسوم المتحركة الساحرة. ويقال ان «ناتيكي»، او الاسطورة الافريقية هي الاصل وسندريللا هي النقل، وكم هي غنية افريقيا بالاساطير. هي وغاباتها والمخلوقات العجيبة التي تملؤها. ويزين مانديللا كتابه بالرسوم مثل اي مؤلف آخر، فتتخالط الوان الريشة والوان السرد ولكن يظل حاضراً في المخيلة عملاق افريقيا الذي لا يقلّد. تحمل كل الاساطير والحكايات الشعبية، حكايات الظلم والخلاص. الاسى والانفراج. الاضطهاد والنهايات السعيدة. ويظل «كتاب الف ليلة وليلة» في هذا الباب منبع الادب الشعبي والتاريخ المروي الملون بالمبالغات واللطائف. وتكثر في الحكايات التي اختارها مانديللا قصص الحيوانات وحواراتها، كما تكثر في «كليلة ودمنة»، وغالباً للهدف نفسه، اي الخروج بنموذج اخلاقي يتعلم منه الآخرون، وبرغم المسحة الخيالية الرائعة التي طغت على «الف ليلة وليلة» فقد كانت هناك دروس اخلاقية في الكثير من الفصول. وحتى في الاسماء المختارة «شهرزاد، اي الابنة النبيلة ودينازاد، اي ابنة القانون» كان هناك درس ذو دلالة، وليس من شك في ما يقوله المؤرخون من ان «الف ليلة» «خصوصاً المسعودي» نتاج ثلاث حضارات هي الهندية والفارسية والعربية، والاسماء الاساسية فيه فارسية في اي حال مع ان شهريار يفترض ان يكون سلطاناً في آسيا الوسطى وليس في بلاد اللغة البهلوية التي وضع فيها الكتاب. ويرجح كثيرون ان يكون النص العربي شبه العامي وضع في مصر «الطبعة الاولى كانت في بولاق» مع ان ثمة فصلاً كاملاً مكتوباً بالعامية الشامية. «فاللغا اللبنانيي» لم تكن قد شاعت بعد. ولا كانت الفضائيات اللبنانية قد عممت اللهجة اللبنانية على نشرات الاخبار بحيث اصبحت القرارات التي يتخذها مجلس الوزراء «قراريت» والوظائف «وظايف» والاقوال «أويل» ووقائع الدعوى «ؤأيع محطوطة قدام الأضاء والأضاة» اي امام القضاء والقضاة.