الى متى.. حفلة التخوين؟

TT

كنا نعتقد ان لغة التخوين العربية قد انتهت حتى تفجرت المعركة الصحفية بين الاردن وسورية. وقد فاجأتنا الصحف السورية بخبر لم يكن من حقها ان تخفيه وهو ان الاردن ملكاً وحكومة هم مجرد خونة وعملاء لاسرائيل واميركا. وهو امر خطير كان يفترض ان تنشره سورية وان تنشر ادلته وتفاصيله.

نعود الى فكرة التخوين ونسأل من هو الخائن. هل وجود سفارة لاميركا في عاصمة عربية هو دليل على الخيانة؟ بالطبع لا!! وهل وجود علاقات امنية بين وكالة المخابرات المركزية الاميركية واستخبارات الدول العربية لتبادل المعلومات وملاحقة الارهاب هو خيانة؟.. نقول ربما!! وهل التسابق لكسب ود اميركا وتوسيط الاصدقاء والاشقاء سراً، ثم شتيمة اميركا في الاعلام الرسمي هو خيانة.. ام هو نفاق ام هو في منزلة بين المنزلتين؟.. لا ندري!!

المهم ان الاردن يتميز عن دول عربية كثيرة بانه يعلن تحالفاته ويفاخر بها، والملك الاردني يقول في كل المناسبات انه صديق وحليف لاميركا دون ان يتلفت خوفاً من احد، او يتردد مجاملة لاحد. وحتى عندما وقع الاردن اتفاقية وادي عربة فانه اعلنها مدوية وبالتفاصيل وبلغة عربية واضحة. وسواء كرهنا ام احببنا الاتفاقية فان الحقيقة هي ان الاتفاقية لم تعقد في السراديب ولم يتحدث الاردن بلغتين واحدة لاستهلاك الشارع واخرى للاستهلاك الدولي.

نعود الى موضوع الخيانة والعمالة ونذكر بان رجالا وساسة محترمين تمت تصفيتهم وقتلهم في العديد من الدول العربية وعبر محاكمات صورية بتهمة الخيانة والعمالة، وان آلافا سجنوا بالتهمة نفسها. ونحن امة تحتاج الى تعريف جديد للخيانة حتى لا تستمر حفلة التخوين قائمة يستخدمها الناس ضد خصومهم ويقتلون ويسجنون مخاليفهم في الرأي مهما كانوا وطنيين عبر التخوين.

لغة التخوين في الفكر القومي العربي وما يلحقها من افكار العمالة للامبريالية واسرائيل هي بالضبط فكرة التكفير التي يستخدمها التطرف الاسلامي لقتل الابرياء، ولا ندري من اعطى الحق للمكفرين والمخونين لتوزيع صكوك الغفران الوطني والديني، ولا ندري متى ننتهي من لغة التخوين والتكفير التي دفعنا بسببها ثمناً غالياً.