حذار من النصارى

TT

هذه نصيحة أوجهها لأصحابي وقرائي. توصلت اليها مؤخراً نتيجة مصاحبتي لنفر من اخواني المسيحيين. احذروا من مجالستهم ومصاحبتهم. فهم قوم لا يجلبون للانسان غير الهم والغم. هذا ما دعاني مؤخراً للابتعاد عن صديقي الشاعر الفلسطيني فؤاد حداد. فكلما التقيته أثار اعصابي بحديثه عن العروبة والوحدة العربية وسيادة العراق وكيف نسمح لأرض الخلافة تركع تحت قدم الامريكان، لا افارقه الا ويكون قد اهاج قرحتي وجدد اوجاح بطني. يا اخي يا فؤاد انت مالك؟ نحن أهل العراق راضون بحكم الاجنبي. وانت على ايش حامل همنا؟

ما انهيت علاقتي بصديق العمر فؤاد حداد حتى جاءتني سيدة مسيحية عراقية في حالة عصبية. دخلت في مشادة مع نفر من الانجليز هاجموا الدين الاسلامي وحملوه مسؤولية العنف والارهاب ووصفوه بالجمود والتخلف. انبرت لهم ترد عليهم وتدافع عن الاسلام، وكأنه دينها الذي فطرت عليه وتعيش بسننه. قلت لها وانت مالك تدافعين عن دين غيرك؟ دعي المسلمين يدافعون عن اسلامهم. قالت: لا. هؤلاء الكلاب الانجليز يهاجموننا بحجة الاسلام. الاسلام تراثنا. من يهاجمه يهاجم كل العرب. واذا بي أجد نفسي في مشادة معها ايضا وقررت أن اقطعها مثلما قطعت فؤاد حداد. هؤلاء النصارى لا يتركون الانسان يشرب قهوته براحة.

الحقيقة ان حكاية مسيحيينا حكاية مزعجة، فقد كنا راضين بحياتنا ونعلق في بيوتنا لوحات تقول: «القناعة كنز». رضينا بما قسمه الله لنا. وآمنا بأن هذه الدنيا على الأرض دنيا فانية. وكل ما نعانيه فيها سيكون له ثوابه في الآخرة وهي الدنيا الباقية. كنا نلتف حول السلطان عبد الحميد، نعتبره حامي حمى الاسلام وندعو له بطول العمر. ثم جاء هؤلاء النصارى، يعقوب صنوع وجورجي زيدان وجورج انطونيوس ومكرم عبيد ومن لف لفهم وقالوا لنا هذا كله عيب وخطأ. نحن عرب، نحن سادة البشر، نحن علمنا أوربا على المدنية. وصدقناهم ورحنا ننشد في مدارسنا «حسبنا اننا عرب». ثم جاء الشاعر وقال: «انهضوا واستفيقوا».

وبالفعل افاقونا من نومنا، هؤلاء النصارى. ومن حينها ما عاد اصبحنا نستطيع النوم، كل هذه الخطب والقصائد الوطنية من عشرين فضائية طرشت آذاننا.

كانت والدتي رحمها الله تجلس مساء وتتوضأ وتؤدي صلاة العشاء اربع ركع بالتمام. تستغفر ربها وتؤدي الشهادة وتنام قريرة العين وقلبها عامر بالايمان والثقة بالله تعالى وبواجبها في خدمة والدي وطاعته. كل ما عانته صباح مساء من اولادها المارقين السبعة سيكون له ثوابه في الجنة. كنت اراها تضع رأسها على المخدة وتنام والبسمة ظاهرة على فمها.

ثم جاء هؤلاء النصارى وراحوا يتكلمون عن حقوق المرأة والمساواة. نشر سلامة موسى كتاباً يقول ان جدي كان قرداً. ثم ظهر ميشيل عفلق وملأ الدنيا بالبعثيين. ومن الناصرية في العراق راج يوسف سلمان الملقب بالرفيق فهو يدعو العمال الى الوثوب في وجه صاحب العمل ويهيب بالمرأة ان تناضل من اجل حقوقها ومساواتها بالرجل. ومن حينها لم تعد المرأة العراقية تستطيع ان تنام بدون تناول قرصي اسبرين وقرص فاليوم وحبة منومة. تقضي الليل كله لا تستطيع النوم. تفكر في حقوقها ونضالها من اجل مساواتها بالرجل. تجلس ليلاً ونهاراً كئيبة معكننة المزاج تعد خطايا زوجها وتجاوزاته على حقوقها. وكل ذلك لماذا؟ كله بسبب هؤلاء اخواننا النصارى الذين جاءونا بهذه الافكار الهدامة.

وهذه نصيحتي لكل قارئ: لا تخطب من اسرة يهودية، ولا تأكل مع قبيلة كانيبالية، ولا تستمع لفرقة صينية ولا تسمع كلام النخبة المسيحية.