قبر مصري.. وشارع إيراني

TT

كيف تستطيع الحكومة الايرانية ان تسير وسط حقل من الألغام الاقليمية والدولية اذا استمر التنازع على اتخاذ القرارات قائما الى درجة ان ايران تبدو دولة برأسين وحكومتين وقرارين؟

الحكومة الايرانية عاجزة عن ازالة اسم شارع خالد الاسلامبولي قاتل الرئيس الراحل انور السادات. ورغم ان بلدية طهران رفعت توصية بازالة اسم الشارع، الا ان البلدية لم تستطع تحمل مسؤولية مثل هذا القرار امام اليمين الايراني المتشدد، فكان ان حولت القرار الى وزارة الخارجية الايرانية التي ترددت هي الاخرى في اتخاذ القرار فتجمد منذ سنتين.

ازالة اسم الشارع هي العقبة الكؤود امام عودة العلاقات المصرية ـ الايرانية، فاللقاء النادر الذي تم بين الرئيسين المصري والايراني بعد قطيعة سنوات طويلة اذاب جدار الجليد بين البلدين وقرر الرئيس المصري زيارة طهران في اول رحلة لرئيس مصري الى ايران منذ سبعة وعشرين عاما، لكن المعضلة التي تقف ضد اتمام الزيارة هي تغيير اسم شارع الاسلامبولي الذي يبدو مثل الجمرة التي تتقاذفها الايدي في ايران وسط الصراع المحتدم بين الاصلاحيين والمتشددين.

الرئيس المصري في حرج حقيقي.. فكيف يمكن له ان يزور طهران وهناك شارع وجدارية تفتخر بقاتل سلفه الراحل انور السادات. والرئيس خاتمي مقتنع بازالة الجدارية ولكن عينه على مزايدات اليمين المتشدد، وهي مزايدات لا تنتهي ولن تنتهي مهما قدم خاتمي من تنازلات.

اليمين الايراني يطرح فكرة مضادة هي اقرب الى الخيال، فهم يطالبون بوقف الزيارة التي تقوم بها زوجة شاه ايران السابق الى قبره في القاهرة، وهي مناسبة يتجمع فيها افراد عائلة الشاه وعدد من اصدقائهم الذين لا يشكلون تهديداً للامن الايراني. واليمين في طهران يعلم ان هناك اسبابا اخلاقية تمنع مصر من ان تتخذ قراراً بمنع سيدة من زيارة قبر زوجها مهما كانت الابعاد السياسية للموضوع. كما انه لا علاقة بين تسمية اسم الاسلامبولي، وزيارة زوجة الشاه لقبر زوجها.

الشرق الأوسط يبدو وكأنه ينتمي الى عصور سحيقة يرفض الخروج منها، لآكبر دولتين في الشرق الاوسط ان توقفا مصالحهما وعلاقاتهما بسبب تسمية شارع، وزيارة قبر.