دفاعا عن صدام.. كل شعب يستحق زعيمه

TT

ما بين فرحة اميركا وانجلترا واسرائيل بالقبض على صدام والصدمة التي أحدثها ذلك في الشارع العربي هناك الكثير من النقاط اريد أن أطرحها أمام القارئ، أولها أن القبض على صدام حسين بهذه الصورة المهينة يضر بمصالح وصورة الوطن العربي ودوله والانسان العربي نفسه، وعلينا أن نتصور أن مثل هذه الصورة يمكن أن تتكرر في دول أخرى اذا لم تمتثل للأوامر الاميركية وتدخل في بيت الطاعة الاميركي، ولو نظرنا لما فعله صدام في العراق، لوجدنا أنه فعل الكثير فقد حول بغداد من قرية موحشة الى واحدة من أهم عواصم الوطن العربي، كما أنه أقام الكثير من الجامعات وأعد جيشا قويا يدافع به عن بلاده، ولم يجره الى هذه النهاية سوى خطأه الوحيد الذي ارتكبه بغزو الكويت، واعطاء الاكراد أكثر من حقوقهم وهم لا يمثلون سوى نسبة قليلة من الشعب العراقي، وعلينا أن ننظر الى مسألة غزوه للكويت، وسرقة الكويت للبترول العراقي وهي قد اعترفت بذلك، وننظر في الجانب الآخر، الى اليمن الشمالي الذي غزا اليمن الجنوبي ولم يتحرك أحد، من أوروبا أو اميركا أو حتى الوطن العربي. ولم ينظر أحد لليمن الجنوبي على أنه دولة مستقلة وذات سيادة ولم يحق لليمن الشمالي أن يغزوها ويعتدي عليها.

ان تصوير صدام حسين بهذه الصورة المهينة مخالف لمعاهدة جنيف لحقوق الأسرى، فهل ما فعلته أميركا بعد أسر الممرضة الاميركية في بداية حربها ضد العراق، لا ينطبق على صدام حسين وهو زعيم عربي ورئيس لدولة. ألا نساوي بين صدام حسين على الأقل وبين هذه الممرضة التي أقامت أميركا الدنيا ولم تقعدها بعد عرض صورها على شاشات التليفزيون، ان ما حدث في العراق ويحدث الآن هو سيناريو سوف تطبقه أميركا في دول اخرى، ولعل ما يحدث ضد سوريا حاليا بداية لذلك، ان العرب ظلموا صدام والعراق حينما تخلوا عنه، وأنا أعرف ذلك، ولقد اتاحت لي فرصة اللقاء به التعرف على الكثير من الأسرار التي سوف اضمنها في كتاب اصدره قريبا، خاص بعلاقة صدام بأميركا وما حدث مع السفيرة الاميركية ابريل جلاسبي التي التقاها صدام قبيل غزوه الكويت بثلاثة أيام، ولعل من نافلة القول ان اميركا خططت لجر العراق الى غزو الكويت ثم ضربه بعد ذلك.

أما عن اتهام أو وصف صدام بالديكتاتورية فإنه قول يحتاج الى الكثير من البحث، فكل شعب يستحق زعيمه، وأنا مع رفضي للديكتاتورية أعتقد انا صدام اختار ان يتخذ مجموعة من السياسات التي حاول من خلالها حكم الكثير من الطوائف والقوميات التي يتكون منها الشعب العراقي، ولولا ذلك ما كان يمكنه أن يحكم العراق ويسير أمور شعبه، ثم انه من هذه الطوائف اتخذ الكثير من الوزراء، منهم طه ياسين رمضان وأمه كردية ومحيي الدين معروف وهو كردي الأصل وهما اثنان من ثلاثة نواب اتخذهم صدام، والصحاف الشيعي، وسعدون حمادي رئيس المجلس الوطني العراقي وغيرهم.

أما تصوير اميركا للقبض على صدام بأنه أدى الى فرحة الشعب العراقي فهذا يحتوي على الكثير من المغالطة، فهناك قطاعات كبيرة من الشعب العراقي، ترفض الغزو الاميركي وترى ان الأوضاع زمن صدام كانت أفضل بكثير مما يحدث الآن في العراق المحتل، وسوف يؤدي هذا على خلاف ما يعتقدون الى تأجج المقاومة العراقية وزيادة العمليات العسكرية ضد الوجود الاميركي والبريطاني.

* كاتب وصحافي مصري وآخر من التقى صدام قبل سقوط بغداد