مرافعة الدفاع عن المتهم إياه!

TT

على طريقة الافلام المصرية القديمة، يقف محامي الدفاع عن المتهم وهو يلبس الروب الفضفاض ويشوح بيديه قائلا، يا حضرات القضاة والمستشارين.. انظروا الى هذا الوجه الشاحب الحزين، وجه القائد الذي قاد جيوشه الى النصر في «القادسية»، وقاد قواته الى المجد في «ام المعارك»، واصبح العراق في عهده الزاهر القوة العسكرية الاولى في العالم، وهو الاقتصادي الذي ضرب الاكراد في حلبجة ودمرها بقنابل النابالم، وقد اكد لي ان النابالم ارخص من الرصاص، ولو انه ضرب الاكراد بالرصاص لكلف الخزانة الكثير.. فالقتل بالنابالم هو قتل بسعر الجملة، او هو القتل بعد الخصم من المنبع، وهو الذي شن الحرب على ايران عشر سنوات لانه اكتشف ان الايرانيين يغشون الكافيار الايراني الشهير مما يضر بالاقتصاد العربي، وغزا الكويت لان الكويتيين كانوا يقلدون التمر العراقي الشهير، وهو السياسي البارع الذي قضى على خصومه واصدقائه بالقتل الرحيم ليرحمهم من متاعب الدنيا، وهل في الدنيا الا الشقاء والعذاب، بل لقد بالغ في رحمته فقتلهم بيديه وهم ضيوفه في مكتبه بعد ان انعم عليهم بالرتب العسكرية العالية ليذهبوا الى الآخرة بالنياشين والنجوم.

وهو الاب والمربي الفاضل الذي علم اولاده اعلى درجات ثقافة العنف والقتل واستباحة الاعراض والليالي الحمراء وتدخين السيجار الكوبي الفاخر من نوع «تشرشل» و«روميو» و«جولييت» و«البارتاجس» وغيرها.

وهو القوي الفذ الذي اضاف الى اللغة العربية من الكلمات ما شاع في العالم كله ووقف امامه فقهاء اللغة في دهشة وذهول.. الرجل الذي استلهم التراث وخرج منه باسم ام المعارك.. وبالنشامى والماجدات ثم بالعلوج مما كان مثار حديث وكالات الانباء ومحطات التلفزيون وجميع وسائل الاعلام.

ويتوقف المحامي حتى يمسح عرقه ثم يختتم مرافعته قائلا، هذا الرجل الموهوب كيف يحاكم.. وكيف يتهم.. انه هدية العرب الى العالم.. والعالم قبل الهدية.

[email protected]