إذا كان الأمريكيون يتسمون بصعوبة المراس وعدم اللباقة وحب الاستعراض، فإن الإنجليز يتسمون بالأناقة والسلوك المحسوب بدقة والثقافة الواسعة، فلماذا إذن يشعر الإنجليزي بعقدة النقص تجاه الأمريكيين؟
يقول الكاتب مايكل جونزليس في مقال له بصحيفة «وول ستريت جورنال»: لعل من أشد التجارب إثارة للشعور بخيبة الأمل التي يمكن أن يمر بها أمريكي تمرس بنمط الحياة الإنجليزية مثلي أن يكتشف فجأة أن البريطانيين مصابون بعقدة النقص تجاه الأمريكيين بالرغم من أن أكثر الأمريكيين الذي استسلموا لإغراء شرب الشاي مع الكعك غير المحلى والاستمتاع بالبيوت ذات السقوف المغطاة بالقش يشعرون أن ثمة خصائص يتسم بها الإنجليز تجعلهم متفوقين على الأمريكيين.
والدلائل التي تشير إلى أن بعض الإنجليز يحملون بالفعل عبء الشعور بعقدة النقص هذه التي أصبحت أوضح من أن يستمر أحد في تجاهلها، ذلك الضجيج الذي أحدثه قول شبكة التليفزيون الأمريكية (سي.بي.إس) بأن بريطانيا صارت مكانا أخطر من الولايات المتحدة الأمريكية عندما يتعلق الأمر بالجريمة.. ففي الأمسية ذاتها التي أذيع فيها هذا التقييم استهلت قناة «بي.بي.سي» التلفزيونية الثانية برنامجها الإخباري الرئيسي «نيوزنايت» بإعادة إذاعة ما ورد على الشبكة التليفزيونية الأمريكية واتبعته بمناقشة مستفيضة استضافت لها خبراء وعلماء اجتماع وسياسيين.
كما نشرت صحيفة «الديلي تلجراف» البريطانية افتتاحية تعليقا على ما أوردته الشبكة التليفزيونية الأمريكية جاء فيه: إنه لأمر سيئ بما فيه الكفاية أن يدعي مراسل على شاشة التليفزيون الأمريكي أن الجريمة أشد انتشارا في بريطانيا منها في الولايات المتحدة لكن الأسوأ من ذلك بكثير أنه لدى تفحص الأمر تبين أن الخبر صحيح.
وهناك مؤشرات أخرى تكشف عن وجود عقدة النقص البريطانية تجاه الأمريكيين وتبرز من خلال إعلان العصيان عندها كما حدث ضدها شجبت مجلة «سبكتيتر» البريطانية فكرة تحول بريطانيا إلى «جرو» يتبع الولايات المتحدة في السياسة الخارجية، وعلى أية حال فإنه إذا كان بعض السياسيين البريطانيين يعربون عن ابتهاجهم بـ«العلاقة الخاصة» التي تربط بين البلدين فإن مزاج مجلة «سبكتيتر» كان مختلفا لأن كاتب المقال المشار إليه يشكو من وجود اتفاق غير مكتوب ولكنه مسيطر اعتمدته السياسة الخارجية البريطانية مفاده أن رئيس الوزراء توني بلير وزعيم حزب المحافظين يستوحيان سياستهما من الولايات المتحدة في كثير من الأحيان وهو ما اتضح جليا في حرب العراق.
شيء غريب.. وهل تبعية إنجلترا لأمريكا في حاجة إلى اتفاق مكتوب!